إسم الكتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار ( عدد الصفحات : 629)
حرف الضاد ضارج : ماء لبني عبس ، قال الطوسي : هو موضع باليمن ، وأنشد قول امرئ القيس : قعدت له وصحبتي بين ضارج وروي أن ناساً من اليمن خرجوا يريدون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأصابهم ظمأ شديد كاد يقطع أعناقهم ، فلما أتوا ضارجاً ذكر أحدهم قول امرئ القيس : ولما رأت أن الشريعة همها * وأن البياض من فرائصها دامي تيممت العين التي عند ضارج * يفيء عليها الظل عرمضها طامي فقال أحدهم : والله ما وصف امرؤ القيس شيئاً إلا على حقيقة وعلم ، فالتمسوا الماء فهذا ضارج ، وكان ذلك وقت الظهر ، فمشوا على فيء الجبل حتى عثروا على العين ، فسقوا واستقوا ، فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : يا رسول الله ، لولا بيت امرئ القيس لهلكنا ، وأنشدوه إياهما ، فقال : " ذلك نبيه الذكر في الدنيا خاملة في الآخرة ، كأني أنظر إليه يوم القيامة بيده لواء الشعراء يقودهم إلى النار " . وفي طريق آخر أن قوماً أقبلوا من اليمن يريدون رسول الله صلى الله عليه وسلم فأضلوا الطريق ، وفقدوا الماء ثلاثاً ، فجعل الرجل منهم يأوي إلى فيء سمرة وطلحة آيساً من الحياة ، فبينما هم كذلك أقبل راكب وهو ينشد : ولما رأت أن الشريعة همها * وإن البياض من فرائصها دامي تيممت العين التي عند ضارج * يفيء عليها الظل عرمضها طامي قيل : يصف حمير وحش عطشت ، وخافت من ورود الشريعة لأجل القناص ، وقيل : يصف ناقته ، وفي رواية : سمع رجلاً منا ينشد ذلك ، فقال الراكب : من يقول هذا ؟ قالوا : امرؤ القيس قال : ما كذب ، وهذا ضارج عندكم ، فانصرفوا إليه يزحفون نحو خمسين ذراعاً ، فإذا ماء غدق عليه العرمض ، وهو الطحلب ، يفيء عليه الظل ، كما قال ، فشربوا وحملوا الماء حتى بلغوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : أحيانا الله تعالى ببيتين من شعر امرئ القيس ، قال : وكيف ذلك ؟ فأخبروه فقال : " ذلك رجل مشهور في الدنيا خامل في الآخرة يجيء معه لواء الشعراء إلى النار " . والفرائص جمع فريصة ، وهي اللحمة التي ترعد عند الفزع . وفي رواية كانت جميلة المدنية واحدة في الأغاني يجتمع .