والشحر مدينة كبيرة وليس بها زرع ولا ضرع ، ويكون بها العنبر ، وشجرها الكندر ، ومنها يحمل إلى الآفاق ، واللاك بها كثير . والإبل المنتجة عند هؤلاء العرب لا يعدل بها شيء في سرعة جريها ومن غريب ما ينسب إليها أنها تفهم الكلام وتعلم ما يراد منها بأقل أدب تعلمه ، ولها أسماء إذا دعيت بها أجابت بلا تأخر . وقصبة أرض مهرة تسمى الشحر ، ولسان مهرة مستعجم جداً لا يكاد يفهم ، وهو اللسان الحميري في القديم ، وهم أكثر أهل الأرض رواحل ، وجل مكاسبهم الإبل والمعز ، والسمك يصاد في ذلك البحر وبلاد عمان ، وعندهم حوت صغير جداً يصاد ويشمس وتعلف به الدواب والإبل . وأهل مهرة لا يعرفون الحنطة ولا خبزها إنما أكلهم السمك وشربهم الألبان وقليل الماء ، قد اعتادوا ذلك وألفوه فلا يعدلون عنه ، ومن تغرب منهم فأكل الحنطة تألم وربما مرض . وطول بلاد مهرة تسعمائة ميل ، وهي كلها رمال سيالة والرياح تسفيها ، ومن آخر بلاد الشحر إلى عدن ثلاثمائة ميل . وفي هذه المدينة أشجار اللاك والكندر ، وهي أشجار مثل أشجار التوت إلا أنها لا تورق بل تحمل أغصانها كلها الكندر . شجس : قرية بالأندلس قريبة من بطرير وهي قرية جامعة مفيدة ، وهي قريبة من شاطبة . شذونة : بالأندلس ، وهي كورة متصلة بكورة مورور ، وعمل شذونة خمسون ميلاً في مثلها ، وهي من الكور المجندة ، نزلها جند فلسطين من العرب . وكورة شذونة كورة جليلة القدر ، جامعة لخيرات البر والبحر ، كريمة البقعة عذية التربة ، تغيض مياهها فلا تذوي مع المحل ثمارها ، وقد لجأ إليها عامة أهل الأندلس سنة ست وثلاثين ومائة . وكانت الأندلس قد قحطت ستة أعوام . ومن كور شذونة شريش وغيرها ، وفيها كانت الهزيمة على لذريق حين افتتحت الأندلس سنة ست وتسعين ، وبقرب شذونة موضع يعرف بالجبل الواسط ، وهو جبل فيه آثار للأول ، وفي شق صخرة داخل كهف فيه فأس حديد متعلق من الشق الذي في الصخرة تراه العين وتلمسه اليد ، فمن رام إخراجه لم يطق ذلك ، وإذا رفعته اليد ارتفع وغاب في شق الصخرة ثم يعود إلى حالته ؛ ويذكر مشايخ كور شذونة أن النار أوقدت على الموضع ورش بالخل لينكسر ويوصل إلى استخراج الفأس فلم يقدر على ذلك وأعضلهم أمره ، وقرنت الثيران في بعض الأزمنة وجعلت عجلتان وشد بهما طرفا حبل وثيق قد ربط في الفأس ، وحملوا على الثيران لينقلع الفأس فلم يستطع ذلك . قالوا : وأطيب العنبر العربي إنما يوجد بساحلها ، وبساحل شذونة يوجد الحوت التن لا في غيره من سواحل الأندلس ، فيظهر في أول شهر مايه ، لا يرى قبل هذا الشهر ، فإنه يخرج من البحر المحيط فيدخل إلى البحر المتوسط الذي يسمى البحر الرومي ، فيصاد مدة ظهوره أربعين يوماً ، ثم لا يظهر إلى مثل ذلك الوقت من العام الآخر ، وبساحل شذونة المقل الذي يعظم جماره حتى يكون قلبه مثل قلب النخل ، وكانت ترد منه الغرائب على الخلفاء ، وكانت جباية شذونة في أيام الأمير الحكم بن هشام خمسين ألفاً وستمائة . شرمساح : مدينة في ضفة النيل الشرقية من بلاد مصر ، وهي مدينة جليلة لكنها ليست بالكبيرة ولها سوق جامعة . الشرف : ماء لبني كلاب ، وقيل لباهلة . والشرف أيضاً من سواد اشبيلة بالأندلس ، وهو جبل شريف البقعة كريم التربة دائم الخضرة ، فراسخ في فراسخ طولاً وعرضاً لا تكاد تشمس منه بقعة لالتفاف زيتونه واشتباك غصونه ، وزيته من أطيب الزيوت ، كثير الريع عند العصر لا يتغير على