القطر جليلة القدر نامية الشجر ، طولها ثمانون فرسخاً ، وأكثر نباتها شجر الصبر ، ولا صبر يفوق صبرها في الطيب كالذي يتخذ بحضرموت اليمن وبالشحر وغيرها ، وتتصل من جهة الشمال والمغرب ببلاد اليمن ، بل هي محسوبة منه ومنسوبة إليه ، وبها من جميع قبائل مهرة ، وبها نخل كثير ، ويسقط إليها العنبر ، وإذا قيل لمهري : يا سقطري ، غضب ، وتقابلها بلاد الزنج ، وأكثر أهل هذه الجزيرة نصارى ، لأن الإسكندر لما غلب على ملك فارس وغزت أساطيله جزائر الهند وقتل ملك الهند ، وكان معلمه أرسطوطاليس قد أوصاه بطلب جزيرة الصبر فكان في بال الإسكندر ذلك من أجل وصية معلمه ، فعند فراغه من أخذ جزائر الهند وتغلبه عليها وعلى ملوكها أخذ راجعاً في بحر الهند إلى جهة البحر العماني إلى أن وصل إلى جزيرة سقطرى فأعجبه طيب ثراها واعتدال هوائها ، فكتب إلى معلمه بذلك ، فأجابه يأمره بأن ينقل أهلها عنها ويستبدلهم باليونانيين ويوصيهم بحفظ شجرة الصبر وحياطتها لما في ذلك من المنافع الطبية ، وأنه لا تتم الايارجات إلا به ، مع انتفاع جميع الأمم بتصريفه لأنه في ذاته دواء جليل كثير المنافع ، ففعل الإسكندر ذلك فأخرج عنها جملة أهلها ونقل إليها قوماً من اليونانيين ، وأمرهم بحفظ شجرة الصبر والقيام بها وغراستها وإدامة تنميتها ، ففعلوا ذلك إلى أن ظهر دين المسيح فآمنت به ، فدخل أهل سقوطرى في دين النصرانية ، وبقايا ذراريهم بها إلى هذا الوقت مع سائر من سكنها من غيرهم ، وأوراق شجر الصبر تجمع في شهر يوليه ، ويستخرج لعابها ويطبخ في قدور النحاس وغيرها ، ويوضع في زقاق ويجفف في شهر أغشت للشمس ، ويباع منه بهذه الجزيرة قناطير فيتجهز به إلى الآفاق شرقاً وغرباً . وقد يسقط العنبر إلى جزيرة سقوطرى ، ومن عمان إلى الساحل إلى سقوطرى ، والطريق من عمان إلى مسقط على الساحل ثم منه إلى سقوطرى ، وبها الصبر الذي لا يعدل به كما قلناه . سقوما : قلعة سقوما على مقربة من فاس بالمغرب . ولما وصل موسى بن نصير إلى طنجة ، مال عياض بن عقبة إلى قلعة سقوما ومال معه سليمان بن مهاجر وسألا موسى الرجوع معهما فأبى ، وقال : هؤلاء قوم في الطاعة ، فأغلظا له القول حتى رجع فقاتل أهل سقوما ، فكان لهم على العرب ظهور ، فجاءهم عياض بن عقبة من خلفهم فتسور عليهم في قلعتهم ، فانهزم القوم واشتد القتل فيهم فغلبوا ، وكتب موسى إلى الوليد بن عبد الملك أنه سار إليك يا أمير المؤمنين من بني سقوما مائة ألف رأس ، فكتب إليه الوليد : ويحك أظنها بعض كذباتك ، فإن كنت صادقاً فهذا محشر الأمم . ولم يكن بالمغرب أعظم من مدينة سقوما . سهرورد : بلدة بين زنجان وهمذان . السواجير : موضع بالشام . سويقة : بالتصغير ، موضع بشق اليمامة . وسويقة أيضاً بمقربة من المدينة بها كانت منازل حسن بن حسن بن علي رضي الله عنهم ، قال موسى بن عبد الله بن حسن : خرجت من منازلنا بسويقة جنح ليل ، وذلك قبل خروج محمد أخي ، فإذا أنا بنسوة توهمت أنهن خرجن من ديارنا فأدركتني غيرة عليهن ، فاتبعتهن لأنظر أين يردن ، حتى إذا كن بطرف الحفير التفتت إلي إحداهن وهي تقول : سويقة بعد ساكنها يباب * لقد أمست أجد بها الخراب فقلت لهن : أمن الإنس أنتن ، فلم يراجعنني ، فخرج محمد هذا فقتل وخربت ديارنا . وقال إسماعيل : لقيني موسى بن عبد الله فقال لي : هلم حتى أريك ما صنع بنا بسويقة ، فانطلقت معه ، فإذا نخلها قد عضد عن آخره ، وديارها ومصانعها قد خربت فخنقتني العبرة ، فقال : إليك فنحن والله كما قال دريد بن الصمة :