responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار نویسنده : محمد بن عبد المنعم الحميري    جلد : 1  صفحه : 317


سرقسطة :
في شرق الأندلس وهي المدينة البيضاء .
وهي قاعدة من قواعد الأندلس ، كبيرة القطر آهلة ممتدة الأطناب واسعة الشوارع ، حسنة الديار والمساكن متصلة الجنات والبساتين ، ولها سور حجارة حصين ، وهي على ضفة نهر كبير يأتي بعضه من بلاد الروم من جبال قلعة أيوب ومن غير ذلك ، فتجتمع هذه الأنهار كلها فوق مدينة تطيلة ، ثم تنصب إلى مدينة سرقسطة ومدينة سرقسطة هي المدينة البيضاء ، لكثرة جصها وجيارها ، ومن خواصها أنها لا تدخلها حية البتة وإن جلبت إليها ماتت وحياً .
فمن الناس من يزعم أن فيها طلسماً لذلك ، ومنهم من يقول بنيانها من الرخام الرخو الذي هو صنف من الملح الدراني ، ومن خاصيته ألا تدخل الحناش موضعاً يكون فيه ، ولها أقاليم عدة .
وبسرقسطة جسر عظيم يجاز عليه إلى المدينة ، ولها أسوار منيعة ومبان رفيعة .
واسمها مشتق من اسم قيصر ، وهو الذي بناها ، وذكر أنها بنيت على مثال الصليب ، وجعل لها أربعة أبواب : باب إذا طلعت الشمس أقصى المطالع في القيظ قابلته عند بزوغها ، فإذا غربت قابلت الباب الذي بإزائه من الجانب الغربي ، وباب إذا طلعت الشمس من أدنى مطالعها في الشتاء قابلته عند بزوغها وهو الباب القبلي ، وإذا غربت قابلت الذي بإزائه من الجانب الغربي .
وهذه المدينة على خمسة أنهار .
وسرقسطة واسعة الخطة لا يعرف بالأندلس مدينة تشبهها ، وقيل : تعرف بالبيضاء لأن أسوارها القديمة من حجر الرخام الأبيض ، وكان الذي بنى المسجد الجامع بسرقسطة ووضع محرابه حنش بن عبد الله الصنعاني ، فلما زيد فيه هدم الحائط القبلي ، غير المحراب ، فإنه احتفره من جوانبه حتى انتهى إلى قواعده ، فأعملت الحيلة في حمله على الخشب وجره إلى الموضع الذي هو فيه اليوم ، فتصدع وبني حواليه البناء الذي هو باق إلى الآن ، وتوفي حنش هذا وعلي بن رباح اللخمي ، وهما من جلة التابعين ، بمدينة سرقسطة وقبراهما بها معروفان بمقبرة باب القبلة ، وكان بعض من مضى من الملوك أراد أن يتخذ عليها مشهداً ويبني فوقها مصنعاً ، فلما اعتزم على ذلك أتته امرأة معروفة بالصلاح والأمانة موسومة بالعدالة وأخبرته أنها رأتهما فيما يرى النائم ، وأخبراها أنهما يكرهان أن يبنى على قبريهما شيء ، فرجع عن ذلك الأمر الذي هم به .
ومدينة سرقسطة أطيب البلدان بقعة وأكثرها ثمرة لكثرة الفواكه في بساتينهم حتى لا يقوم ثمنها . بمؤونة نقلها لرخصها فيتخذونها سرجيناً يدمنون به أرضهم ، وربما بيع فيها وسق القارب من التفاح بما تباع به الأرطال اليسيرة في غيرها ، ومما خصت به سرقسطة معدن الملح الدراني الذي لا يوجد مثله في مكان ولا يعدل به .
وأخذ النصارى سرقسطة من أيدي المسلمين سنة اثنتين وخمسمائة بعد أن حاصروها تسعة أشهر ، صلحاً ، خرج إليها الإفرنج في خمسين ألف راكب ، وابن ردمير في جملة أخرى ، أعادها الله للإسلام بفضله .
ومن سرقسطة قاسم بن ثابت صاحب " الدلائل " بلغ فيه الغاية من الإتقان ومات قبل أن يكمله ، فأكمله أبوه ثابت بعده . وكان قاسم ورعاً فاضلاً أريد علي أن يلي قضاء سرقسطة ، فأبى من ذلك ، فأراد أبوه إكراهه على ذلك ، فسأله أن يتركه ثلاثة أيام حتى ينظر في أمره ويستخير الله تعالى ، فمات في هذه الثلاثة الأيام ، فيروى أنه دعا لنفسه بالموت ، وكان يقال إنه مجاب الدعوة ، توفي بسرقسطة سنة اثنتين وثلاثمائة .
سرقوسة : هي مدينة بينها وبين جزيرة صقلية مجاز لطيف ،

317

نام کتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار نویسنده : محمد بن عبد المنعم الحميري    جلد : 1  صفحه : 317
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست