responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار نویسنده : محمد بن عبد المنعم الحميري    جلد : 1  صفحه : 303


في ذلك ، وتم له ذلك ثم أنذر الناس فتفرقوا أيادي سبا وتمزقوا كل ممزق ، وبعض هذا مذكور في ذكر مأرب .
سبتة : مدينة عظيمة على الخليج الرومي المعروف بالزقاق ، وهو أول البحر الشامي المنتهي إلى مدينة صور من أرض الشام ، وهي تقابل الجزيرة الخضراء والمعروف أنها مفتوحة السين والنسب إليها بكسرها مثل بصرة وبصري والبحر يحيط بسبتة شرقاً وجوفاً وقبلة ، وليس لها إلى البر غير طريق واحدة من ناحية الغرب لو شاء أهلها أن يقطعوه قطعوه ، ولها بابان أحدهما محدث ، ولها من جهات البحر أبواب كثيرة ، وفي آخر المدينة بشرقيها جبل كبير فيه شعراء كثيفة يسمى جبل المينا ، وقد كان عبد الملك بن أبي عامر أمر أن تبنى بهذا الجبل مدينة ينقل إليها أهل سبتة ، فبنى سورها ومات ولم يتم له المراد ، والسور باق إلى الآن كأنه بني بالأمس وهو يظهر من بر الأندلس لبياضه ، ومن غرائب ما في ذلك السور أن فيه شقة مستطيلة بأبراجها مبنية بالزيت عوضاً عن الماء ، وكان غرضه إتمام عمله على هذا النعت لولا الإنفاق الكثير ، فإن البناء بالزيت أصلب وأبقى على مرور الدهر فلم يساعده الأجل .
وسبتة سبعة أجبل صغار متصلة بعضها ببعض ، معمورة ، طولها من المشرق إلى المغرب نحو ميل ، ويتصل بها من جهة المغرب وعلى ميلين منها جبل موسى ، وهذا الجبل منسوب إلى موسى بن نصير الذي على يديه كان افتتاح الأندلس في صدر الإسلام ، وتجاوره جنات وبساتين وأشجار وقرى كثيرة وقصب سكر وأترج يتجهز به إلى ما جاور سبتة من البلاد ، وهو الموضع المسمى بليونش وبه مياه جارية وعيون مطردة وخصب زائد ، ويلي المدينة من جهة المشرق جبل عال أعلاه بسيط ، في أعلاه سور بناه محمد بن أبي عامر حين جاز إليها من الأندلس ، وأراد أن ينقل المدينة إلى أعلى هذا الجبل عند فراغه من بناء أسوارها ، وعجز أهل سبتة عن الانتقال ، فمكثوا في مدينتهم وبقيت المدينة خالية وأسوارها قائمة قد نبت حطب الشعراء فيها ، وهذه الأسوار تظهر من عدوة الأندلس لبياضها .
وسبتة مدينة قديمة سكنها الأول ، وفيها آثار كثيرة وكان لها ماء ، مجلوب من نهر على ثلاثة أميال منها ، يجري إليها من قناة مع ضفة البحر القبلي فكان يدخل كنيستها التي هي الآن جامع سبتة ، وكان يوسف بن عبد المؤمن ، سنة ثمانين وخمسمائة ، أراد أن يجلب الماء إليها من قرية بليونش على ستة أميال من سبتة في قناة تحت الأرض على حسب ما فعله الأوائل في قناة قرطاجنة ، وشرع في عمل ذلك ثم اقتصر عليه ، وعلى قرية بليونش جبل عظيم فيه القردة ، عبر من تحته موسى بن نصير إلى ساحل طريف ، وكان عليه حصن هدمته مصمودة المجاورون له ، ثم بناه الناصر عبد الرحمن المرواني فهدموه ثانية ، وتحته أرض خصيبة فيها مياه عذبة وعليه قرية تعرف بقصر مصمودة ، ولها نهر يصب في البحر عذب .
والبحر يحيط بسبتة من جميع جهاتها إلا من جهة الغرب ، فإن البحر يكاد يلتقي ولا يبقى بينهما إلا أقل من رمية قوس . وبسبتة مصايد للحوت ، ويصاد بها منه نحو مائة نوع ، ويصاد بها التن زرقاً بالرماح وفي أسنتها أجنحة تثبت في الحوت ولا تخرج وفي أطراف عصيها شرائط القنب الطوال ولهم في ذلك دربة وحكمة ، ويصاد بها أيضاً شجر المرجان الذي لا يعدله مرجان ، وبها سوق لتفصيله وحكه وثقبه وتنظيفه .
قالوا : وتظهر سبتة عند صفاء البحر من الجزيرة الخضراء ، ولذلك قال بعض المتأخرين :
لما حططت بسبتة قتب النوى * والقلب يرجو أن يحول حاله

303

نام کتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار نویسنده : محمد بن عبد المنعم الحميري    جلد : 1  صفحه : 303
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست