إسم الكتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار ( عدد الصفحات : 629)
من كور الجزيرة وبمقربة من نصيبين ، وبينها وبين الفرات أربعة فراسخ ، وهي كلها بين الجزيرة والشام ، وهي مدينة كبيرة عليها سوران ، وهذا الاسم لها صادق جداً ، فإن الله تعالى فجر أرضها عيوناً وأجراها ماء معيناً فتقسمت مذانب وانسابت جداول ، في مروج خضر كأنها سبائك اللجين ممدودة في بساط الزبرجد ، تحف بها أشجار وبساتين قد انتظمت حافتيها ، وأعظم هذه العيون عينان إحداهما فوق الأخرى ، فالعليا منهما نابعة تحت الأرض في صم الحجارة كأنها في جوف غار كبير متسع فينبسط الماء حتى يصير كالصهريج العظيم ، ثم يخرج ويسيل نهراً كأكبر ما يكون من أنهار وينتهي إلى العين الأخرى ويلتقي بمائها ، وهذه العين الثانية تحت الأرض في الحجر الصلد نحو أربع قامات أو أزيد ، ويتسع منبعها حتى يصير صهريجاً كبيراً ويعلو بقوة نبعه حتى يسيل على وجه الأرض ، فربما يروم السابح القوي السباحة الشديد الغوص في أعماق المياه أن يصل بغوصه إلى قعره فيمجه الماء بقوة انبعاثه من منبعه ، فلا يتناهى في غوصه إلا إلى مقدار نصف مسافة العين أو أقل ، وماؤها أصفى من الزلال ، ويصطاد فيها سمك جليل من أطيب ما يكون من السمك ، وينقسم ماء هذه العين نهرين ، أحدهما أخذ يميناً والآخر يساراً ، فالأيمن يشق على خانقة مبنية للصوفية والغرباء بإزاء العين ، وهي تسمى الرباط ، والأيسر يمر على جانب الخانقة وتفضي منه جداول إلى مطاهرها ومرافقها المعدة للحاجة البشرية ، ثم يلتقيان أسفلها مع نهر العين الأخرى العليا ، وقد بنيت على شط نهرهما المجتمع بيوت أرحاء . ومن مجتمع ماء هاتين العينين منشأ نهر الخابور . قالوا : وهذه المدينة للبداوة بها اعتناء وللحضارة عنها استغناء ، لا سور يحصنها ولا دور أنيقة البناء فيها ، وهي مع ذلك كاملة مرافق المدن ، ولها جامعان حديث وقديم فالقديم بموضع العيون وتتفجر أمامه عين معينة ، وهو من بنيان عمر بن عبد العزيز ، لكنه دثر ، والجامع الآخر داخل البلد وفيه مجتمع أهله . والغالب عليها فخذ من بني ربيعة يقال لهم النمر ، وبها نفر من بني تميم . وهي مدينة قديمة واسمها عين الوردة ، وافتتحها عمير بن سعد الأنصاري من قبل عياض بن غنم ، وأظنها التي عنى حسان بقوله : كأن سبيئة من رأس عين * يكون مزاجها عسل وماء ومن رأس العين هذه يخرج نهر الخابور ، وهي كلها من بلاد الجزيرة . وبعين الوردة كانت الوقيعة بين سليمان بن صرد وأصحابه التوابين الخارجين للطلب بدم الحسين رضي الله عنه مع أهل الشام وفيهم عبيد الله بن زياد ، فقتل سليمان وأكثر أصحابه ، وذلك سنة خمس وستين ، وفي القصة طول . رأس الماء : على مسيرة عشرة أيام من غانة في بلاد السودان وهناك تلقى النيل خارجاً من بلاد السودان وعليه قبائل من البربر مسلمون وبإزائهم من الشط الثاني مشركو السودان . رأس المحجمة : جبل عال في بلاد عمان ، عال على ضفة البحر ويندفن في الماء فلا يعلم حيث يصل وربما تكسرت المراكب عليه ، وفي رأس المحجمة مغايص اللؤلؤ . رأس قنديلة : هو أنف جبل خارج في البحر ، بحر فاران ، يتصادم فيه ريحان : ريح تأتي من بحر أيلة ، وريح تأتي من بحر القلزم فتلتقي فيه أمواج متضادة ويعظم الخطب هناك فتنشب السفن هناك ، وتنتظر الريح المساعدة فإن خالفت الريح السفينة بعد خروجها عن المرسى هلكت إن لم يمكنها الرجوع . رادس : مرسى رادس هو مرسى بحر تونس ، وهذا الاسم إما للمرسى أو للقرية المطلة عليه . وفي بعض الأخبار أن الروم أغاروا على مرسى رادس فقتلوا من بها وسبوا وغنموا وذلك في عهد حسان بن النعمان الذي كان عبد الملك بن مروان أغزاه إفريقية ، فوصل إليها وحارب الكاهنة التي كانت بأوراس حتى قتلها وخرب