< شعر > له حاجة قد طالما قد أسرّها من الناس في صدر بها يتصدّع / تحمّلها طول الزمان لعلَّها يكون لها يوما من الدهر منزع وقد قرعت في أمّ عمرو لي [1] العصا قديما كما كانت لذي الحلم تقرع [2] < / شعر > قال : فجاءت [3] واللَّه بشيء حيّرني وأذهلني طربا لحسن الغناء وسرورا باختيارها الغناء في شعري ، وما سمعت فيه من حسن الصّنعة وجودتها وإحكامها . ثم قالت لها : خذي أيضا من قول أبي محجن ، عافى اللَّه أبا محجن : < شعر > يأيّها الرّكب إنّي غير تابعكم حتى تلمّوا وأنتم بي ملمّونا فما أرى مثلكم ركبا كشكلكم يدعوهم ذو هوى إلَّا يعوجونا أم خبّروني عن دائي [4] بعلمكم وأعلم النّاس بالداء الأطبّونا [5] < / شعر > قال نصيب : فو اللَّه لقد زهيت [6] بما سمعت زهوا خيّل إليّ أنيّ من قريش ، وأنّ الخلافة لي . ثم قالت : حسبك يا بنيّة ! هات الطعام يا غلام ! فوثب الأحوص وكثيّر وقالا : واللَّه لا نطعم لك طعاما ولا نجلس لك في مجلس ؛ فقد أسأت عشرتنا واستخففت بنا ، وقدّمت شعر هذا على أشعارنا ، واستمعت [7] الغناء فيه ، وإن في أشعارنا لما يفضل شعره ، وفيها من الغناء ما هو أحسن من هذا . فقالت : على معرفة كلّ ما كان منّي ، فأيّ شعركما أفضل من شعره ؟ أقولك يا أحوص : < شعر > ( يقرّ بعيني ما يقرّ بعينها وأحسن شيء ما به العين قرّت < / شعر > أو قولك يا كثيّر في عزّة : < شعر > وما حسبت ضمريّة جدويّة [8] سوى التّيس ذي القرنين أنّ لها بعلا < / شعر > أم قولك فيها : < شعر > إذا ضمريّة عطست فنكها فإن عطاسها طرف السّفاد < / شعر > / قال : فخرجا مغضبين واحتبستني ، فتغدّيت عندها ، وأمرت لي بثلاثمائة دينار وحلَّتين وطيب ، ثم دفعت إليّ مائتي دينار وقالت : ادفعها إلى صاحبيك ؛ فإن قبلاها وإلا فهي لك . فأتيتهما منازلهما فأخبرتهما القصّة . فأمّا
[1] في ت ، ح ، ر : « لك العصا » . [2] يشير بذلك إلى المثل المعروف : « إن العصا قرعت لذي الحلم » . وأصله أن حكما من حكام العرب عاش حتى أهتر ، فقال لابنته : إذا أنكرت من فهمي شيئا عند الحكم فآقرعي لي المجنّ بالعصا لأرتدع . وهذا الحكم هو عمرو بن حممة الدوسيّ . وقيل : أوّل من قرعت له العصا عامر بن الظرب العدواني أحد حكماء العرب وحكامهم . والمثل يضرب لمن إذا نبّه انتبه . يريد أنه ليم في حبّها قديما . [3] كذا في ت ، ح ، ر . وفي سائر النسخ : « فجاءني واللَّه شيء » . [4] كذا في ت . وفي سائر النسخ : « داء » بغير ياء . وفي ح ، ر : « أم خبروني بداء لي بعلمكم » . [5] الأطبون : البارعون في الطب . [6] كذا في ح ، ر . وفي سائر النسخ : « زهوت » . [7] كذا في ح ، ر . وفي سائر النسخ : « وأسمعت » . [8] نسبة إلى جديّ بن ضمرة بن بكر من كنانة .