نام کتاب : نهاية المرام في علم الكلام نویسنده : العلامة الحلي جلد : 1 صفحه : 137
نفسه ، وهو محال ، فبطل كون الحاجة ثبوتية . والثاني : - وهو أن تكون عدمية - محال أيضاً ، لأنّها نقيض لا حاجة ، وهو عدمي ، فتكون الحاجة ثبوتية . ولأنّها لو كانت عدميّة ، لم يبق فرق بينها وبين نفي الحاجة ، لامتناع التمايز في العدمات ، لكن لا حاجة نفي للحاجة . والجواب عن الأوّل ( 1 ) : أنّ الحكم بالافتقار ضروري ، وإنّما يجب اشتراك العقلاء في التصديق الضروريّ ، لو اشتركوا في تصوّر مفرداته . وأمّا إذا حصل قصور لبعض الأذهان عن تصوّر أحد طرفيه ، إمّا لنقص في الغريزة أو لغفلة أو لتدنيس ( 2 ) ، تعذّر الحكم الضروري به ، واحتاج إل تمثيل وشبهه ، حتى يحصل له كمال التصوّر ، ولهذا تمثل للشاك في هذا الحكم بكفتي الميزان ، فإنّ نسبة طرفي الوجود والعدم إلى الممكن ( 3 ) متساوية ، كنسبة كفتي الميزان إلى الميزان ، فكما يحكم العقل بامتناع رجحان إحدى الكفّتين على الأُخرى بدون المرجح ، كذا يحكم بامتناع ترجيح أحد طرفي الممكن على الآخر لا لمرجّح . فهذا هو السبب في عدم اشتراك العقلاء في الضروريات . والأصل فيه ما تقدّم : من أنّ التصديقات الضرورية ، قد تتوقف على أسباب وشرائط لا تحصل بدونها ، ولا يثلم فقدانها عن فاقد الأسباب والشرائط كونها ضرورية ، فإنّ البصير يدرك التفرقة الضرورية بين السواد والبياض ، ويحكم على كلّ واحد منهما بأحكام ضروريّة ، لا يحكم بها الأعمى لفقد الأسباب والشرائط ، وهي الإحساس . ولهذا قال متقدم الحكماء : « من فقد حساً فقد فقد علماً يؤدّي إليه ذلك الحس » . والتفاوت في الضروريّات لا يخرجها عن كونها ضروريّة ، فإنّ فقدها