نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 256
المشروعة على الوجه الذي كان النبيّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يعملها بغير زيادة ولا نقصان ، محتسبا في كل ذلك تحرّي كمال بياعه ، حتّى أنّه جرى عليه - رضي الله عنه - مندوحة من جميع ما عليه من الأحوال ، فكسرت سنّه وشجّت جبهته ، ولم يلتفت في جميع عمره - رضي الله عنه - عن غرض يلوي عنقه أو جيده إلى جهة ، بل كان - رضي الله عنه - لا يلتفت وإذا التفت التفت جمعا ، مثل ما كان لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يفعلها بالطبع لا بالتكلَّف ، مع انضمام تحرّي الاتّباع له ، ولو طالعت كتاب « الأسرار » لهذا الخاتم ، واطَّلعت على أسراره ، لعلمت أنّه اتّبعه في جميع مقاماته ومشاهده ومعاريجه وبرازخه وتجلَّياته بالمرتبة والذات والعلم والحال والخلق حذو القذّة بالقذّة ، كما عدّدنا بعض ذلك في رسالة النصوص ، والحمد لله . قال - رضي الله عنه - : « ولمّا مثل النبيّ النبوّة بالحائط من اللبن وقد كمل سوى موضع لبنة ، فكان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - تلك اللبنة غير أنّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لا يراها [ إلَّا ] كما قال : لبنة واحدة » . قال العبد : إنّما مثّل رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - النبوّة بالحائط ، لأنّ النبوّة صورة الإحاطة الإلهيّة بالأوضاع والأحكام الشرعية والحكم والأسرار الدينيّة الوضعية المرعيّة ، قد وضعها الله على ألسنة رسله وفي كتبه قبل ظهور الشريعة الجمعيّة الأحدية والأوضاع الكمالية المحمدية ، فكملت من حيث صورتها التفصيليّة ولكنّها كانت ناقصة من حيث عوز الوضع الأحدي الجمعي والمقام المحمدي الختمي الذي يستوعب الكلّ ، وكلّ لبنة كانت في تلك الحائط كانت صورة نبيّ من الأنبياء ، فالحائط كالقلادة المشتملة على جواهر الأنبياء ، وكان يعوزهم واسطة القلادة التي تساوي الكلّ ، وهو أحدية جمع الكمّل من الأنبياء ، كلَّهم الذين هم صور تفصيله ، فلا بدّ للرسول الخاتم أن يرى نفسه تنطبع في تلك الثلمة ، ويسدّ بذاته تلك الخلَّة ، فيكمل به الحائط ، لأنّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - خاتم النبوّة المبعوث لتتميم مكارم الأخلاق ، ولا بدّ لوارث [1] كل رسول أن