نام کتاب : بداية الحكمة نویسنده : السيد الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 175
التي تترتب عليها الآثار ، فهذا قسم من العلم ، ويسمى : " علما حصوليا " . ومن العلم علم الواحد منا بذاته التي يشير إليها ب " أنا " ، فإنه لا يغفل عن نفسه في حال من الأحوال ، سواء في ذلك الخلاء والملاء ، والنوم واليقظة ، وأية حال أخرى . وليس ذلك بحضور ماهية ذاتنا عندنا حضورا مفهوميا وعلما حصوليا ، لأن المفهوم الحاضر في الذهن كيفما فرض لا يأبى الصدق على كثيرين وإنما يتشخص بالوجود الخارجي ، وهذا الذي نشاهده من أنفسنا ونعبر عنه ب " أنا " أمر شخصي لذاته لا يقبل الشركة ، والتشخص شأن الوجود ، فعلمنا بذواتنا إنما هو بحضورها لنا بوجودها الخارجي الذي هو ملاك الشخصية وترتب الآثار ، وهذا قسم آخر من العلم ، ويسمى : " العلم الحضوري " . وهذان قسمان ينقسم إليهما العلم قسمة حاصرة ، فإن حصول المعلوم للعالم إما بماهيته ، أو بوجوده ، والأول هو العلم الحصولي ، والثاني هو العلم الحضوري . ثم إن كون العلم حاصلا لنا ، معناه : حصول المعلوم لنا ، لأن العلم عين المعلوم بالذات ، إذ لا نعني بالعلم إلا حصول المعلوم لنا ، وحصول الشئ وحضوره ليس إلا وجوده ، ووجوده نفسه . ولا معنى لحصول المعلوم للعالم إلا اتحاد العالم معه ، سواء كان معلوما حضوريا أو حصوليا ، فإن المعلوم الحضوري إن كان جوهرا قائما بنفسه ، كان وجوده لنفسه ، وهو مع ذلك للعالم ، فقد اتحد العالم مع نفسه ، وإن كان أمرا وجوده لموضوعه ، والمفروض أن وجوده للعالم ، فقد اتحد العالم مع موضوعه ، والعرض أيضا من مراتب وجود موضوعه غير خارج منه ، فكذلك مع ما اتحد مع موضوعه ، وكذا المعلوم الحصولي موجود للعالم ، سواء كان جوهرا موجودا لنفسه أو أمرا موجودا لغيره ، ولازم كونه موجودا للعالم اتحاد العالم معه . على أنه سيجئ أن العلم الحصولي علم حضوري في الحقيقة [1] .