نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 692
الدنيا وما شاكل هذا فإن هذا نص في تضاعف العذاب على مراتبه الذي هو واحد من ذلك ومن عذاب المؤمنين ما سلط الله عليهم من أصحاب الأهواء والكفار من الأسر والعذاب والاسترقاق والقتل في الدنيا كل هذا تكفير لهفوات ومزلات نفسية وحسية على قدر ما وقع منهم وما يقع هذا من الكفار بالمؤمنين إلا لأجل إيمانهم قال تعالى يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا فإن وما بعدها بتأويل المصدر كأنه يقول يخرجون الرسول وإياكم من أجل إيمانكم وقال تعالى وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا وعليه يخرج تخليد من قتل مؤمنا متعمدا أي قصد قتله لإيمانه ومما يتضمن هذا المنزل علم الابتلاء وليس ذلك إلا لله قال تعالى ولنبلونكم وقال عز وجل أيضا ليبلوكم وليس للمؤمن أن يبتلي المؤمن إلا بأمر إلهي فيكون الابتلاء لله تعالى ومنه لا منهم مثل قوله تعالى فامتحنوهن فالله أمر بذلك فامتثل العبد أمر سيده كالسلطان يأمر بعذاب شخص فيتولى عذابه من أمر بتعذيبه وإن كان شفيقا عليه ولكن أمر السلطان واجب أن يمتثل للمرتبة لما يقتضيه من الهيبة فالابتلاء لا يكون إلا لله وكل من ابتلى أحدا من المؤمنين بغير أمر إلهي فإن الله يؤاخذه على ذلك وبهذا المقام انفرد الاسم الخبير وهو من أعجب أحكام الأسماء لأن الخبرة إنما جاءت لاستفادة علم المخبر المختبر وهنا في الجناب الإلهي العلم محقق بما يكون من هذا المختبر اسم مفعول فلا يستفيد علما المختبر اسم فاعل فيظهر أنه لا حكم لهذا الاسم وكان الأولى به العبد لجهله بما يكون من المختبر اسم مفعول والعبد ممنوع من الاختيار إلا بأمر إلهي فقد يسمى الله تعالى بما يستحقه العبد فحكمه في جناب الحق إفادة العلم للمختبر في نفسه بهذا الاختبار لإقامة الحجة عليه وله فلهذا لا يلحق الخبير بصفة العلم كما ألحقه أبو حامد والأسفراييني وأكثر الناس ولو كان كما زعموا لكان نقصا وإنما أوقعهم في ذلك قوله تعالى حتى نعلم وهو حجة عليهم إن لو كان الأمر على ظاهره فإن الاختبار سبب في تحصيل العلم ما هو نفس العلم وبالخبرة سمي خبيرا فإذا حصل العلم سمي عالما في ذلك الحال وغاية من نزه مثل ابن الخطيب وغيره في قوله حتى نعلم تعلق العلم بهذه الحالة وتعلق العلم محدث ولا يؤدي إلى حدوث العلم فبقي العلم على حاله من الوصف بالقدم وإن حدث التعلق فهذا منتهى غايتهم في التنزيه ويقولون لو تعلق العلم بما من شأنه إنه سيكون كائنا أو قد كان فقد علم الشئ على خلاف ما هو به وكذلك لو علم ما هو كائن قد كان أو سيكون أو علم ما كان هو كائن أو سيكون لكان هذا كله جهلا والله يتعالى عن ذلك فأدخلوا على الله الزمان من حيث لا يشعرون والتقدم في الأشياء والتأخر وما علموا إن الله تعالى يشهد الأشياء ويعلمها على ما هي عليه في أنفسها والأزمنة التي لها من جملة معلوماته مستلزمة لها وأحوالها وأمكنتها إن كانت لها ومحالها إن كانت ممن يطلب المحال وأحيازها كل ذلك مشهود للحق في غير زمان لا يتصف بالتقدم ولا بالتأخر ولا بالآن الذي هو حد الزمانين ولهذا لم يرد مع قوله صلى الله عليه وسلم عن ربه كان الله ولا شئ معه وأتى بكان وهي حرف وجودي لا بفعل ولم يقل وهو الآن فإن الآن نص في وجود الزمان فلو جعله ظرفا لهوية الباري تعالى لدخل تحت ظرفية الزمان بخلاف كان فإن لفظ كان من الكون وهو عين الوجود فكأنه يقول الله موجود ولا شئ معه في وجوده فما هي من الألفاظ التي ينجر معها الزمان إلا بحكم التوهم ولهذا لا ينبغي أن يقال كان فعل ماض في إعرابه على طريقة النحويين وقد بوب عليها الزجاجي وسماها بالحرف الذي يرفع الاسم وينصب الخبر ولم يجعلها فعلا فينجر معها الزمان الماضي والحال والمستقبل وبهذا القدر المتوهم الذي يتخيل في هذه الصيغة التي هي كان ويكون وسيكون من الزمان أشبهت الفعل الصحيح الذي هو قام ويقوم وسيقوم وجعلوا قائما مثل كائن فأجروها مجرى الأفعال من هذا الوجه وإذا كان أمرها على هذا فيطلق من الوجه الذي لا يقبل به ظرفية الزمان على الله تعالى وهو قوله وكان الله غفورا رحيما وكان الله شاكرا عليما وما أطلق عليه الآن لما ذكرناه لأنه نص في الزمان اسم علم له ومعناه الظرف كما جاء الاستواء على العرش بلفظ العرش ولفظ الاستواء وما هو نص في ظرفية المكان بخلاف اسم لفظة المكان فإنه نص بالوضع في ظرفيته والمتمكن في المكان نص فيه فعدل إلى الاستواء والعرش ليسوع التأويل الذي يليق بالجناب العالي لمن يتأول ولا بد والأولى التسليم لله فيما قاله ورد ذلك إلى علمه سبحانه بما أراده في هذا الخطاب ونفى التشبيه المفهوم منه بقوله ليس كمثله شئ على زيادة الكاف أو فرض المثل
692
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 692