نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 676
الحرارة الرطوبة وثبتت صورته في الهباء بالبرودة واليبوسة وجعله أعني هذا الجسم الكري على هيأة السرير وخلق له حملة أربعة بالفعل ما دامت الدنيا وأربعة أخر بالقوة يجمع بين هؤلاء الأربعة والأربعة الآخر يوم القيامة فيكون المجموع ثمانية وسماه العرش وجعله معدن الرحمة فاستوى عليه باسمه الرحمن وجعله محيطا بجميع ما يحوي عليه من الملك متحيزا يقبل الاتصال والانفصال وعمر الأينية الظرفية المكانية وكان مرتبة ما فوقه بينه وبين العماء الذي ما فوقه هواء وما تحته هواء وهو للاسم الرب والله هو الاسم الجامع المهيمن على جميع الأسماء الإلهية فصفته المهيمنية وتوحدت الكلمة في العرش فهي أول الموجودات التي قبلها عالم الأجسام ثم أوجد جسما آخر في جوهر هذا الهباء فإن جوهر هذا الهباء هو الذي عمر الخلأ فكل ما ظهر من الصور المتحيزة الجسمية والجسمانية فهذا الجوهر هو القابل لها وإنما قلنا هذا لئلا يتخيل أن الكرسي صورة في العرش وليس كذلك وإنما هو صورة أخرى في الهباء قبلها كما قبل صورة العرش على حد واحد ولكن بنسب مختلفة فسمى هذا الموجود الآخر كرسيا ودلى إليه القدمين من العرش فانفلقت الرحمة انفلاق الحب فتنوعت الرحمة في الصفة إلى إطلاق وتقييد فظهرت الرحمة المقيدة وهي القدم الواحدة وتميزت الرحمة المطلقة بظهور هذه القدم الأخرى فظهر في هذه القدم انقسام الكلمة الواحدة العرشية التي لم يظهر لها انقسام في العرش إلى خبر وحكم وانقسم الحكم إلى أمر ونهي وانقسم الأمر إلى وجوب وندب وإباحة وانقسم النهي إلى حظر وكراهة وانقسم الخبر إلى هذه الأقسام وزيادة من استفهام وتقرير ودعاء وإنكار وقصص وتعليم فتنوعت الألسن وظهرت الملاحن في الكرسي فظهر تفصيل النغمات التي كانت مجملة في العرش فهو أول طرب ظهر في عالم الأجسام من السماع ومن هنالك سرى في عالم الأفلاك والسماوات والأركان والمولدات ثم أوجد الحق أيضا جسما آخر مستديرا دون الكرسي في الرتبة وجعله مستديرا فلكيا غير مكوكب قدر فيه سبحانه أثنى عشر تقديرا مقادير معينة سمي كل مقدار منها باسم لم يسم به الآخر وهي المعروفة بالبروج وأظهر منها سلطان الطبيعة فجعل منها ثلاثة من اجتماع الحرارة واليبوسة وجعل أحكامها مختلفة وإن كانت على طبيعة واحدة ولكن المكان المعين من هذا الفلك لما اختلف اختلفت أحكامها من ذلك الوجه وبما هي على طبيعة واحدة من الحر واليبس اتفقت أحكامها فتعمل بالاتفاق من وجه وبالاختلاف من وجه ولهذا ظهر عنها الكون والفساد والتغيير والاستحالات ولست أعني بالفساد الشرور المعتادة عندنا هنا وإنما أعني بالفساد زوال نظم مخصوص يقال فيه فسد ذلك النظام أي زال كما تأكل التفاحة أو تشقها بالسكين إلى أقسام فقد فسد نظامها فذهبت تلك الصورة بظهور صورة أخرى فيها وعن هذا الفلك يتكون جميع ما في الجنة وعنه يكون الشهوة لأهلها وهو عرش التكوين ثم إن الله تعالى أوجد في جوف هذا الفلك الأطلس الذي هو محل لهذه الطبائع التي هي آلة النفس العملية فلكا آخر في جوهر الهباء كما ذكرنا وبالتجلي الإلهي كما ذكرنا إذ لا يكون التكوين الإله سبحانه وهذا الفلك هو فلك الكواكب الثابتة والمنازل التي يقدر بها تقسيم البروج المقدرة في الأطلس إذ كان الأطلس متشابه الأجزاء وهي ثمانية وعشرون منزلة وهي النطح والبطين والثريا والدبران والهنعة والهقعة والذراع والنثرة والطرف والجبهة والزبرة والصرفة والعوا والسماك والغفر والزبايا والإكليل والقلب والشولة والنعائم والبلدة وسعد الذابح وسعد بلع وسعد السعود وسعد الأخبية والفرع المقدم والفرع المؤخر والرساء فهذه ثمان وعشرون منزلة معروفة مسماة يحكم لها بطبائع البروج وهي الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدي والدلو والحوت ولهذا الفلك المكوكب أعني فلك المنازل قطع في الفلك الأطلس فلك البروج وجعل لكل تقدير في فلك البروج منزلتين وثلث من المنازل المذكورة ولمنازله وجميع كواكبه سباحة في أفلاك لها بطيئة لا يحس بها البصر إلا بعد آلاف من السنين كما ذكر عن أهرام مصر أنها بنيت والنسر في الأسد وهو اليوم في الجدي ونحن في سنة أربع وثلاثين وستمائة ثم أوجد على سطح هذا الفلك المكوكب الجنة بما فيها بطالع الأسد وهو برج ثابت فلهذا كان لها الدوام فإن أصحاب هذا الفن قد سموا هذه البروج بالأسماء التي ذكرناها ونعتوها بأمور على حسب ما أطلعهم الله عليه
676
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 676