نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 666
ونأخذ من دلالة الشرع ما نضيفه إلى هذا الإله من الأسماء والأحكام فنكون مأمورين في العلم به سبحانه شرعا وعقلا وهو الصحيح فإن الشرع لا يثبت إلا بالعقل ولو لم يكن كذلك لقال كل أحد في الحق ما شاء مما تحيله العقول وما لا تحيله وهم قد فعلوا ذلك مع الايمان بالشرع ودخلوا بالتأويل في أمور لا حاجة لهم بها ولو استغنوا عنها لم يطالبهم العقل بذلك ولا سألهم الشرع عن ترك ذلك بل يسألهم الشرع عن فعل ذلك وهم فيه على خطر ولا حجة على ساكت إلا إذا وجب عليه الكلام فيما سكت فيه وقد اندرج في هذا الكلام جميع ما ذكرناه في القصيدة التي في أول الباب فإنه جميع ما عدد فيها من الأمور تطلب حقائق إلهية تستند إليها وتنافر حقائق إلهية فمما يتضمن هذا المنزل تجلى الحجاب بين كشفين وتجلى الكشف بين حجابين وما في المنازل منزل يتضمن هذا الضرب من التجلي إلا هذا المنزل فإن التجلي المنفرد في المظهر من غير بينية يعطي ما لا يعطيه في البينية والتجلي المفرد الذاتي في غير المظهر يعطي ما لا يعطيه في البينية وهذا التجلي الواقع في البينية يعطي الحصر بين أمرين وكل محصور محدود بمن حصره وهذا أعجب المعارف في هذا الطريق أن يكون التجلي الذاتي الذي له الإطلاق محصورا فهو كما يقال عن القاعد في حال قعوده إنه قائم فظاهر الأمر أنه لا يتصور فسبحان من تنزه عن الأضداد وقبلتها أوصافه قال صلى الله عليه وسلم ترون ربكم كما ترون الشمس بالظهيرة فإن كان أراد النهار بهذا اللفظ فقد عم التجليات الذاتية وإن اختلفت في حكم التجلي كاختلاف صفة تنزيهه باسمه الغني عن الفقر وصفة تنزيهه بالأحدية عن الشريك بقوله ولم يكن له شريك في الملك كذلك التجليات الذاتية البصرية مثل هذه التجليات الذاتية العقلية وإن كان أراد بالظهيرة وقتا معينا في النهار وهو الأظهر في المعنى المحقق واللفظ وعليه أولى أن يحمل هذا القول فإن النهار كله تجل ذاتي لأن الشمس فيه ظاهرة بذاتها فإن النهار جلاها للأبصار وإن كان النهار معلولا عنها فظهرت بذاتها من أول شروقها إلى حال غروبها ولها تجل وحكم في كل دقيقة يعرفها من يعرفها ويجهلها من يجهلها والذي يعرف الكل من ذلك ما امتد زمانه فيفرقون ما بين حكمها في طلوعها وشروقها وحكمها في إشراقها وحكمها في ضحاها وحكمها في زوالها وهو أول غشيها وحكمها في عصرها وحكمها في قبض ضوئها وقلة سلطانه عما كان عليه فيما يقابله من أول النهار وصدره وحكمها عند سقوطها ولكل تجل وإن كان ذاتيا حكم ليس للآخر فما عدا الطرفين فهو تجل ذاتي بين تجليين ذاتيين إلا الطرفين فهو تجل ذاتي عقيب تجل حجابي والطرف الآخر تجل ذاتي يعقبه تجل حجابي فهو تجل ذاتي بين تجل ذاتي وحجابي وقد رمينا بك على الطريق فافهم من حالات تغير الأحكام الشمسية في هذه الآنات ووقوع التشبيه منها في آن معين وهو الظهيرة وحالة الصحو وعدم السحاب بينها وبين الراني وخذ أنت في الآنات الباقية آثار التجلي الذاتي فاعلم إن النور المنبسط على الأرض الذي هو من شعاع الشمس الساري في الهواء ليس له حقيقة وجودية إلا بنور البصر المدرك لذلك فإذا اجتمعت العينان عين الشمس وعين البصر استنارت المبصرات وقيل قد انبسط الشمس عليها ولذلك يزول ذلك الإشراق بوجود السحاب الحائل لأن العين فارقت هذه العين الأخرى بوجود السحاب وهي مسألة في غاية الغموض لأني أقول لو أن الشمس في جو السماء وما في العالم عين تبصر من حيوان ما كان لها شعاع منبسط في الأرض أصلا فإن نور كل مخلوق مقصور على ذاته لا يستنير به غيره فوجود أبصارنا ووجود الشمس معا أظهر النور المنبسط ألا ترى الألوان تنقلب في الجسم الواحد المتلون بالخضرة مثلا أو الحمرة إذا اختلفت منك كيفيات النظر إليه من الاستقامات والانحرافات كيف يعطيك ألوانا مختلفة محسوسة تدركها ببصرك لا وجود لها في الجسم المنظور إليه في الشمس ولا تقدر تنكر ذلك ولا سيما إذا كان الجسم المنظور إليه في الشمس فقد أدركت ما لا وجود له حقيقة بل نسبة كذلك النور المنبسط على الأرض وكتقلب الحرباء في لون ما تكون عليه من الأجسام على التدريج شيئا بعد شئ ما هي مثل المرآة تقبل الصورة بسرعة ولا هي جسم صقيل وإدراك تقلبها في الألوان محسوس مع علمك بأن تلك الألوان لا وجود لها في ذلك الجسم الذي أنت ناظر إليه ولا في أعيانها في علمك كذلك العالم مدرك لله في حال عدمه فهو معدوم العين مدرك لله يراه فيوجده لنفوذ الاقتدار الإلهي فيه ففيض الوجود العيني إنما وقع على تلك المرئيات لله في حال عدمها فمن نظر إلى وجود تعلق رؤية العالم في
666
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 666