responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 650


وهو مما يشق على النفس وإذا أقيمت هذه الحضرة التي في هذا المنزل ممثلة في صور حسية يقام له توابيت على يمينه وتوابيت على يساره فالتوابيت التي على يمينه مملوءة درا وياقوتا وأحجارا نفيسة وحللا ومسكا وطيبا ومنها توابيت كبار وصغار وقيل له لا بد لك من حمل هذا إلى موضع معين إلى دار حسنة وروضة مورقة وقيل له إذا أوصلت هذه الأحمال إلى هذه الروضة كان أجرك عليها وعلى ما آلمك من ثقلها ما تحوي عليه هذه التوابيت كلها ولك هذه الدار التي وصلتها بجميع ما تحوي عليه من الملك وهي خمسة أنواع من التوابيت منها توابيت الأمر الواجب وتوابيت الأمر المندوب وتوابيت الأمر المبيح من حيث الايمان به وتوابيت النهي الواجب وتوابيت النهي المكروه ومن هذه التوابيت ما يختص بك ومنها توابيت تتعلق بغيرك وكلفت أنت حملها فكل خطاب شرعي يختص بذاتك لا تتعدى بالعمل فيه إلى غيرك فهو المختص بك وكل خطاب شرعي يختص بذاتك وتتعدى في العمل به إلى غيرك فذلك الذي يتعلق بغيرك وكلفت أنت حمله كالسعي على العيال وتعليم الجاهل وإرشاد الضال والنصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم فهذه توابيت أصحاب اليمين فكما حملت ما هو لك ولغيرك في الدنيا كان لك أجرك وأجر غيرك في الآخرة ولا ينقص الغير من أجره شيئا إن كان مؤمنا وإن لم يكن مؤمنا مثل التكليف الذي يتعلق بك في معاملة أهل الذمة فلك أجرهم لو كانوا مؤمنين ولا أجر لهم ولهذا قيد النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر بالعمل فقال من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة فالمؤمن لا ينقصه من أجره الأخروي شئ والذمي يعطى أجره في الدنيا إما بمنفعة معجلة أو دفع مضرة معجلة يكون ذلك لهذا العامل في الآخرة محققا وقد يجمع له بين الدنيا والآخرة فيرى العامل ما تحمل تلك التوابيت من الأشياء النفيسة ومالها وقد حصل له البشرى بأنها له ملك إذا حملها بحيث يفنى في حبها والتعشق بها فيهون عليه حملها ويخف لحمل الهمة إياها فلا يجد فيها مشقة وهو حال تلذذه بالأذى وبما يحسن لأهل الذمة وآخر ينظر إلى ثقلها وهو المؤمن الذي لا كشف عنده إلا مجرد تصديق الخبر فيجدها ثقيلة المحمل فمنهم من يحملها بمشقة وكلفة لغلبة التصديق بما فيها وللحرص الشديد والطمع في أخذها وملكها لكون الآمر يحملها قال له هي لك في أجر حملك ومنهم من ثقلت عليه فأخرج منها جملة طرحها في الأرض ليخف عنه الثقل الذي يجده فلما خف حمله ببعض ما طرح منها حمل ما بقي وكلما طرحه من ذلك عاد ذلك المطروح حديدا ورصاصا ونحاسا وزيد في التوابيت التي على شماله والتوابيت التي أقيمت له على شماله كلها مملوءة حديدا ونحاسا وقطرانا وآنكا وشبه ذلك مما يثقل وتكره رائحته وقيل له هذه التوابيت يحملها على ظهرك على ترتيب ما قررناه في توابيت اليمين وتوصلها إلى دار ذات لهب وزمهرير وما تحوي عليه هذه التوابيت ملكك وهذا قوله تعالى وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وقوله صلى الله عليه وسلم من سن سنة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة وإن لم يحضر للمكاشف في هذا المنزل صورا نزلت على قلبه معاني مجردة عن المواد وعرف تفاصيلها والحق كل شئ منها بمقامه ومحله ولم يجد لذلك كلفة ولا مشقة لأنه لا غرض له مع إرادة سيده منه فهو في عالم الانفساح والانشراح وإن ضعفت أجسامهم عن حمل بعض ما كلفوه فقد أمر أن لا يحمل إلا وسع نفسه النفس هنا عبارة عن إكمال الحس لأن النفس المعنوية لا كلفة عليها إلا إذا كانت صاحبة غرض فكلفت بما لا غرض لها فيه فلهذا لم يعذر الإنسان من حيث نفسه ويعذر من حيث حسه لخروج ذلك عن طاقته في المعهود ويتعلق بهذا المنزل طرف من العلم بنش ء الملائكة وإنهم من عالم الطبيعة مخلوقون مثل الأناسي غير إنهم ألطف كما إن الجن ألطف من الإنسان مع كونهم من نار من مارجها والنار من عالم الطبيعة ومع هذا فهم روحانيون يتشكلون ويتمثلون فلو كانت الطبيعة لا تقبل ذلك لما قبله عالم الجن وكيف ينكر ذلك ومعلوم قطعا إن الإنسان من عالم الطبيعة الكثيفة وفيه منها خزانة الخيال في مقدم دماغه يتخيل بها ما شاء من المحالات فكيف من الممكنات فكذلك الملائكة عليهم السلام من عالم الطبيعة وهم عمار الأفلاك والسماوات وقد عرفك الله أنه استوى إلى السماء وهي دخان فسواهن سبع سماوات وجعل أهلها منها وهو قوله وأوحى في كل سماء أمرها ولا خلاف إن الدخان من الطبيعة وإن كانت الملائكة أجساما نورية كما إن الجن أجسام نارية ولو لم يكن النور طبيعيا لما وصف بالإحراق كما توصف النار بالتجفيف والذهاب بالرطوبات وهذا كله

650

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 650
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست