responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 648


جوهر مظلم فيه ظهرت الأجسام الشفافة وغيرها فكل ظلام في العالم من جوهر الهباء الذي هو الهيولى وبما هي في أصلها من النور قبلت جميع الصور النورية للمناسبة فانتفت ظلمتها بنور صورها فإن الصورة أظهرتها فنسبت إلى الطبع الظلمة في اصطلاح العقلاء وعندنا ليست الظلمة عبارة عن شئ سوى الغيب إذ الغيب لا يدرك بالحس ولا يدرك به والظلمة تدرك ولا يدرك بها فلو لا إن الظلمة نور ما صح أن تدرك ولو كانت غيبا ما صح أن تشهد فالغيب لا يعلمه إلا هو وهذه كلها مفاتيح الغيب ولكن لا يعلم كونها مفاتح إلا الله يقول تعالى وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو وإن كانت موجودة بيننا لكن لا نعلم أنها مفاتح للغيب وإذا علمنا بالأخبار أنها مفاتح لا نعلم الغيب حتى نفتحه بها فهذا بمنزلة من وجد مفتاح بيت ولا يعرف البيت الذي يفتحه به عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا ثم لتعلم بعد ما عرفتك بسريان النور في الأشياء أن الخلق بين شقي وسعيد فبسريان النور في جميع الموجودات كثيفها ولطيفها المظلمة وغير المظلمة أقرت الموجودات كلها بوجود الصانع لها بلا شك ولا ريب وبماله الغيب المطلق لا تعلم ذاته من طريق الثبوت لكن تنزه عما يليق بالمحدثات كما أن الغيب يعلم أن ثم غيبا ولكن لا يعلم ما فيه ولا ما هو فإذا وردت الأخبار الإلهية على ألسنة الروحانيين ونقلتها إلى الرسل ونقلتها الرسل عليهم السلام إلينا فمن آمن بها وترك فكره خلف ظهره وقبلها بصفة القبول التي في عقله وصدق المخبر فيما أناه به فإن اقتضى عملا زائدا على التصديق به عمله فذلك المعبر عنه بالسعيد وهو مما ألقى السمع وهو شهيد وله الجزاء بما وعده به من الخير في دار القرار والنعيم الدائم الذي لا يجري إلى أجل مسمى فينقطع بحلول أجله من حيث الجملة حكما إلهيا لا يتبدل ولا ينخرم ولا ينتسخ ومن لم يؤمن بها وجعل فكره الفاسد أمامه واقتدى به ورد الأخبار النبوية إما بتكذيب الأصل وإما بالتأويل الفاسد فإن كذب المخبر بما أتاه به ولم يعمل بمقتضى ما قيل له إن اقتضى ذلك عملا زائدا على التصديق به فذلك المعبر عنه بالشقي وهو من جهة ما فيه من الظلمة كما آمن السعيد من جهة ما فيه من النور وله الجزاء بما أوعده إن كذب من الشر في دار البور وعدم القرار لوجود العذاب الدائم الذي لا يجري إلى أجل مسمى وإن كان له أجل في نفس الأمر من حيث الجملة حكما إلهيا عدلا كما كان في السعيد فضلا لا يتبدل ولا ينخرم ولا ينتسخ وفي هذا خلاف بين أهل الكشف وهي مسألة عظيمة بين علماء الرسوم من المؤمنين وبين أهل الكشف وكذلك أيضا بين أهل الكشف فيها الخلاف هل يتسرمد العذاب عليهم إلى ما لا نهاية له أو يكون لهم نعيم بدار الشقاء فينتهي العذاب فيهم إلى أجل مسمى واتفقوا في عدم الخروج منها وإنهم بها ماكثون إلى ما لا نهاية له فإن لكل واحدة من الدارين ملؤها وتتنوع عليهم أسباب الآلام ظاهرا لا بد من ذلك وهم يجدون في ذلك لذة في أنفسهم بالخلاف المتقدم باطنا بعد ما يأخذ الألم منهم جزاء العقوبة حدثني عبد الله الموروري في جماعة غيره عن أبي مدين إمام الجماعة أنه قال يدخل أهل الدارين فيهما السعداء بفضل الله وأهل النار بعدل الله وينزلون فيهما بالأعمال ويخلدون فيهما بالنيات وهذا كشف صحيح وكلام حر عليه حشمة فيأخذ جزاء العقوبة الألم موازيا لمدة المعمر في الشرك في الدنيا فإذا فرع الأمد جعل لهم نعيم في النار بحيث إنهم لو دخلوا الجنة تألموا لعدم موافقة المزاج الذي ركبهم الله فيه فهم يتلذذون بما هم فيه من نار وزمهرير وما فيها من لدع الحيات والعقارب كما يلتذ أهل الجنة بالظلال والنور ولثم الحور الحسان لأن مزاجهم يقضي بذلك ألا ترى الجعل في الدنيا هو على مزاج يتضرر بريح الورد ويلتذ بالنتن كذلك من خلق على مزاجه وقد وقع في الدنيا أمزجة على هذا شاهدناها فما ثم مزاج في العالم إلا وله لذة بالمناسب وعدم لذة بالمنافر ألا ترى المحرور يتألم بريح المسك فاللذات تابعة للملايم والآلام لعدم الملايم فهذا الأمر محقق في نفسه لا ينكره عاقل وإنما الشأن هل أهل النار على هذا المزاج بهذه المثابة بعد فراع المدة أم لا أو هم على مزاج يقتضي لهم الإحساس بالآلام للأشياء المؤلمة والنقل الصحيح الصريح النص الذي لا إشكال فيه إذا وجد مفيدا للعلم يحكم به بلا شك فالله على كل شئ قدير وإن كنت لا أجهل الأمر في ذلك ولكن لا يلزم الإفصاح عنه فإن الإفصاح عنه لا يرفع الخلاف من العالم وبعض أهل الكشف قال إنهم يخرجون إلى الجنة حتى لا يبقى فيها أحد من الناس البتة وتبقي أبوابها تصفق وينبت فيها الجرجير ويخلق الله لها أهلا يملئوها بهم من مزاجها كما يخلق السمك في الماء وعالم الهواء في الهواء وعالم

648

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 648
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست