نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 637
ومرتبته فيكون تنزله على قلب لعبد من الغيب في الغيب من عين واحد إلى عين واحد لا يقبل التفصيل والقسم الآخر يكون تنزله على قلب العبد وهو مشغول في تدبير هيكله وطبيعته لا يأخذه عن ذلك وذلك الإنزال من عين جمع إلى عين جمع ليفصل ما نزل عليه لخلقه مما أجراه لله أو يحكيه حكى لنا عن جماعة منهم أبو البدر عن شيخنا عبد القادر رحمه الله أنه قال إن السنة تأتيني إذا دخلت فتخبرني بما يكون فيها ويحدث وكذلك الشهر والجمعة واليوم وكذلك كان الشيخ أبو يعزى أبو النور ببلاد المغرب كان إذا دخل رمضان جاءه يعلمه بما قبل فيه من العمل وممن قبل ويقبل وإنما قيدته هنا في حق شيخنا أبي يعزى برمضان لأن صاحبنا أبا زيد الرقراقي الأصولي أخبرني بشهادة هذا في شهر رمضان إذ كان هذا المخبر عنده في ذلك الوقت فرأى رمضان قد جاءه مخبرا بما ذكرناه فلا تعرف منازل الأكوان عند الله من طريق التعريف الإلهي والعناية بهذا المقرب إلا بتعريف الله عباده في أسرارهم بما يلقيه فيها من نفث روح في روع مثل ما كانت الملائكة تنزل على الأنبياء عليهم السلام بذلك واعلم أن المراتب التي يكون الخلق عليها متفاضلة في كل جنس فالرسل يفضل بعضهم بعضا والأنبياء يفضل بعضهم بعضا والمحققون يفضل بعضهم بعضا والعارفون يفضل بعضهم بعضا وهكذا إلى أصحاب الصنائع العملية فهذا المنزل يفضل غيره في التجليات الإلهية المشبه رؤيتها برؤية القمر والشمس بألفي تجل وثمان تجليات منطوية مندرجة في الألفين المذكورين غير أن هذه الثمانية لها خصوص وصف يظهر في تجلى المقامات الذي هو مائة وستة وستون تجليا فعند ذلك يظهر سلطان هذه الثمانية من التجليات ويعطي من المعارف ما شاء الله أن يعطي وأما الألفان فهي تجليات سريعة الزوال مكثها قليل ولا تعطي علما عاما وأما المائة والستة والستون فتعطي من العلوم العامة السارية في الموجودات وبقائها وما يكون عنها وبسببها علما عاما مجردا خالصا ثابتا لا يتزلزل ولا يشتبه وإن كان حكمه ينتقل منه وفيه ولا يخرج عنه واختلف أصحابنا هل ثم تجل في هذه التجليات يتصف بالنقص من حيث الصورة التي يتجلى فيها إذا كانت صورة طبيعية والطبائع رباعية فيكون التجلي الناقص في الصورة الطبيعية في وقت في العنصر الناري فيكون غير كامل في نفسه ولكن يعطي بحسب ما يعطيه عنصره لا يزيد عليه فإذا كان في تجل آخر انضاف إلى تلك الصورة العنصر الثاني إلى أن يكمل العناصر في أربع تجليات فيقع التجلي في العنصر الرابع بكمال الصورة الطبيعية على صورة مكملة فيلحق بإخوانه من التجليات والأمر عندنا ليس كذلك ولا يصح أن يكون هناك تجل ينقص أو يزيد وإنما هذا الشخص القائل بهذا ظهرت له حالته في عين التجلي فتخيل أن النقص في التجلي وكان النقص فيه ثم اتفق أنه لما تجلى له التجلي الثاني رأى تلك الصورة التي كان عليها في نفسه قد زاد فيها ما لم يكن والنقص والزيادة فيه فحكم على التجلي بذلك واعلم أن الأرواح النورية المسخرة لا المدبرة تنزل على قلوب العارفين كما قلناه بالأوامر والشؤون الإلهية والخيرات بحسب ما يريده الحق بهذا العبد فترقيه بما نزلت به إليه ترقية وتخليصا إلى الحجاب الأقرب من الحجب البعيدة إلى أن يتولاه الله بارتفاع الوسائط غير إن هذا القلب إذا فارقته التنزلات الروحية التي يشترك فيها أهل هذه الطريقة والحكماء العاملون على تصفية النفوس وتخليصها من كدر الطبع وقبل أن يتولى الحق أمره بارتفاع الوسائط يمكث معرى عن الأمرين مثل الوقفة بين المقامين ومثل النومة العامة بين الحس والخيال وهو مقام الحيرة لهذا القلب فإن الذي كان يأنس إليه ويأخذ عنه قد فقده والذي يأتي إليه ما رآه بعد فيبقى حائرا ولقد أخبرني صاحبي أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الأنصاري القرطبي وفقه الله عن شيخنا أبي زكريا الحسنى ببجاية قال أخبرني غير واحد من أصحابه وممن حضر موته أن الشيخ خرج إلى الناس وكان في المسجد الجامع معتكفا في شهر رمضان وقد غير لباسه الذي كان عليه وقد ظهر فيه التغير فقال لهم ادعوا لي فإني قد فقدت الذي كان عندي ولم يكن بعد قد حصل له شئ مما يأتي وحار في أمره فطلب من الناس الدعاء له فإنه لم يكن من أهل الأذواق الإلهية لغلبة الفقه عليه ما تخلص له الأمر ثم عاد إلى خلوته فأبطأ عليهم خروجه فدخلوا عليه فإذا هو مسجى قد فارق الدنيا فأشار إليهم بتغيير لباسه إن الذي كان يلبسه قد جرد عنه والحيرة والافتقار إلى دعاء الإخوان دلت على أنه ما كان الحق تولى أمره الذي أومأنا إليه ففرحت له بذلك لعل الله يكون قد تولاه قبل موته بلحظة فقبضه إليه وهو عنده وحال العارف في هذه الحيرة والوقفة التضرع
637
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 637