نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 603
وما في الخلق من يملك سوى الإنسان وما سوى الإنسان من ملك وغيره لا يملك شيئا يقول تعالى في إثبات الملك للإنسان أو ما ملكت أيمانكم وما ثم موجود من يقر له بالعبودية إلا الإنسان فيقال هذا عبد فلان ولهذا شرع الله له العتق ورغبة فيه وجعل له ولاء العبد المعتق إذا مات عن غير وارث كما إن الورث لله من عباده قال تعالى إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وما ثم موجود يقبل التسمية بجميع الأسماء الإلهية إلا الإنسان وقد ندب إلى التخلق بها ولهذا أعطى الخلافة والنيابة وعلم الأسماء كلها وكان آخر نشأة في العالم جامعة لحقائق العالم مما اختص الله بها ملكه كله وصورته ومن نشأته أيضا الطبيعية القائمة من الأربع الطبائع مع القوة الناطقة التي اختص بها في طبيعته دون غيره مما خلق من الطبيعة كالصورة الإلهية القائمة على أربع الذي لا يعطي الدليل العقلي غيرها وهي الحياة والعلم والقدرة والإرادة فبهذه صح إيجاد العالم له وكان هو إلها بها إذ لو جرد عن هذه النسب لما كان إلها للعالم وهو المثل المقرر في القرآن الذي لا يماثل في قوله تعالى ليس كمثله شئ أي ليس مثل مثله شئ فأثبت المثلية له بالإنسان تنزيها له تعالى أي إذا كان المثل المفروض لا يماثل فهو تعالى أبعد وأنزه أن يماثل وفي السنة خلق آدم على صورته ونفى بهذه الآية أن يماثل هذا المثل وجعل له غيبا وشهادة ولما كان الإنسان بهذه المثابة كانت الألفة بينه وبين ربه فأحبه وأحبه ولهذا ورد أن السماء والأرض يعني العلو والسفل ما وسعه ووسعه قلب المؤمن التقى الورع وهذا من صفة الإنسان لا من صفة الملك هذا وإن شورك الإنسان في كل ما ذكرناه إلا إن الإنسان امتاز عن الكل بالمجموع وبالصورة فاعلم هذا فلا تصح العبودية المحضة التي لا يشوبها ربوبية أصلا إلا للإنسان الكامل وحده ولا تصح ربوبية أصلا لا تشوبها عبودة بوجه من الوجوه إلا لله تعالى فالإنسان على صورة الحق من التنزيه والتقديس عن الشوب في حقيقته فهو المألوه المطلق والحق سبحانه هو الإله المطلق وأعني بهذا كله الإنسان الكامل وما ينفصل الإنسان الكامل عن غير الكامل إلا برقيقة واحدة وهي أن لا يشوب عبوديته ربوبية أصلا ولما كان للإنسان الكامل هذا المنصب العالي كان العين المقصودة من العالم وحده وظهر هذا الكمال في آدم عليه السلام في قوله تعالى وعلم آدم الأسماء كلها فأكدها بالكل وهي لفظة تقتضي الإحاطة فشهد له الحق بذلك كما ظهر هذا الكمال في محمد صلى الله عليه وسلم أيضا بقوله فعلمت علم الأولين والآخرين فدخل علم آدم في علمه فإنه من الأولين وما جاء بالآخرين إلا لرفع الاحتمال الواقع عند السامع إذا لم يعرف ما أشرنا إليه من ذلك وهو صلى الله عليه وسلم قد أوتي جوامع الكلم بشهادته لنفسه واختلف أصحابنا في أي المقامين أعلى من شهد له الحق أو من شهد لنفسه بالحق كيحيى وعيسى عليهما السلام فأما مذهبنا في ذلك فإن الشاهد لنفسه الصادق في شهادته أتم وأعلى وأحق لأنه ما شهد لنفسه إلا عن ذوق محقق بكماله فيما شهد لنفسه به مرتفعة شهادته تلك عن الاحتمال في الحال فقد فضل على من شهد له برفع الاحتمال والذوق المحقق فهذا المقام أعلى وليس من شأن المنصف الأديب العالم بطريق الله أن يتكلم في تفاضل الرجال وإن علم ذلك فيمنعه الأدب فلهذا قلنا الأديب وإنما يتكلم في تفاضل المقامات فيخرج عن العهدة في ذلك ويسلم له الحال عن المطالبة فيه إذ كانت المقامات ليس لها طلب وكان الطلب للموصوفين بها فالأديب حاله ما ذكرناه وهذا الذي ذكرناه كله يشهده من حصل في هذا المنزل وله من الحروف ألفة اللام بالألف وهو أول حرف مركب من الحروف فوحده الشكل فلم يعرف الألف من اللام فالحق بالمفردات فكأنهما حرف واحد لما تعذر الانفصال ولم يتميز شكل اللام فيه من شكل الألف فلم يدركه البصر فإن قيل إن السمع يدركه بقوله لا فليعلم إن اللام تحتمل الحركة والألف لا تحتمل الحركة فلم يتمكن النطق بالألف فينطق باللام مشبعة الحركة لظهور الألف ليعلم أنه أراد لام الألف لا لام غيره من الحروف حتى يرقمه الراقم على صورته الخاصة به فلا تمتاز الألف من اللام لتمكن الألفة كذلك الإنسان إذا كان الحق سمعه وبصره كما ورد في الخبر يرتبط بالحق ارتباط اللام بالألف ولهذا تقدم في حروف شهادة التوحيد في لفظة لا إله إلا الله فنفى بحرف الألفة ألوهة كل إله أثبته الجاهل المشرك لغير الله فنفى ذلك بحرف يتضمن العبد والرب فإنه يتضمن مدلول اللام والألف كما قال عليه السلام آمنت بهذا أنا وأبو بكر وعمر فشركهما معه بنفسه في الايمان ولم يكونا حاضرين أو كانا
603
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 603