نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 549
أراد صلى الله عليه وسلم أن تتميز مراتب القوم عندهم فقال لأبي بكر ما تركت لأهلك فقال الله ورسوله وهذا غاية الأدب حيث قال ورسوله فإنه لو قال الله لم يتمكن له أن يرجع في شئ من ذلك إلا حتى يرده الله عليه من غير واسطة حالا وذوقا فلما علم ذلك قال ورسوله فلو رد إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من ما له شيئا قبله لأهله من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه تركه لأهله فما حكم فيه إلا من استنابه رب المال فانظر ما أحكم هذا وما أشد معرفة أبي بكر بمراتب الأمور وتخيل عمر أنه يسبق أبا بكر في ذلك اليوم لأنه رأى إتيانه بشطر ما له عظيما ثم قال لعمر بن الخطاب ما تركت لأهلك قال شطر ما لي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينكما ما بين كلمتيكما قال عمر فعلمت أني لا أسبق أبا بكر أبدا والإنسان ينبغي أن يكون عالي الهمة يرغب في أعلى المراتب عند الله ويوفي كل مرتبة حقها فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي بكر شيئا من ما له تنبيها للحاضرين على ما علمه من صدق أبي بكر في ذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد علم منه الرفق والرحمة فلو رد شيئا من ذلك عليه تطرق الاحتمال في حق أبي بكر أنه خطر له رفق رسول الله صلى الله عليه وسلم فعوض رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل أبي بكر بما يقتضيه نظره صلى الله عليه وسلم وجاءه عبد الرحمن بن عوف بجميع ماله فرده عليه كله وقال أمسك عليك مالك فإنه ما دعاه إلى ذلك ولو دعاه إلى ذلك لقبله منه كما قبله من أبي بكر ويعطي حكم ذوق العقل الرياضات النفسية وتهذيب الأخلاق فتتضمن الرياضة المجاهدات البدنية ولا تتضمن المجاهدة الرياضات والرياضات أتم في الحكم فإن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ليتمم مكارم الأخلاق فمن جبل عليها فهو منور الذات مقدس ومن لم يجبل عليها فإن الرياضة تلحقه بها وتحكم عليه والرياضة تذليل الصعب من الأمور فمن ذلل صعبا فقد راضه وأزال عن النفس جموحها فإنها تحب الرياسة والتقدم على أشكالها والرياضة تمنع النفس من هذا الخاطر وسلطانه ولا ترى لها شفوفا على غيرها لاشتراكها معهم في العبودية وإحاطة القبضة بالكل فبما ذا ترأس فتمتثل أمر الله من حيث إنها مخاطبة من عند الله بذلك وتود أن يكون كل مخاطب من العبيد مسارعا إلى امتثال أمر سيده إيثار الجنابة ما يخطر لها في المسارعة أن تسبق غيرها من النفوس فيكون لها بذلك مزية على غيرها لا يقتضي مقام الرياضة ذلك فإن الرياضة خروج عن الأغراض النفسية مطلقا من غير تقييد وأما الذوق الذي مبدؤه نفس عينه كما قدمنا فلا يحتاج إلى رياضة ولا مجاهدة فإن الرياضة لا تكون إلا في صعب الانقياد كثير الجموح أو منعوت بالجموح والمجاهدة إحساس بالمشقة وهذه العين التي ذكرناها ما تركت صعبا فتحكم عليه الرياضات فهو ذلول في نفسه أعطته ذلك مشاهدة تلك العين دفعة وأما الإحساس بالمشقات البدنية فذلك حس الطبع لا حس النفس فهو صاحب لذة في مشقة يحكم فيها بحكم ما عين الله له من الحقوق حيث قال له على لسان المبين عنه وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لعينك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولزورك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه فالذائق لهذه العين حكمه ما شرع له ليس له ولا عنده رياضة في قبول ذلك أصلا والله يقول الحق وهو يهدي السبيل والذوق يعطيك بعد ذلك التجلي العلم ومنه تحقيق ميزانه ومرتبته فيتأدب معه بما يستحقه في النظر إليه فإنه نظير العين فيما لا مساع لها فيه وهو الذي يورث عندك الظماء إذا لم تكن مؤمنا فإن كنت مؤمنا فالإيمان يعطيك الظماء ويشتد عطشك ويقل على قدر إيمانك ومن ليس بمؤمن لا ظمأ عنده ألبتة لشرب التجلي وإن أدركه العطش للعلم فمن حيث النظر الفكري وأما لعلوم التجلي فليس إلا الايمان ولا يحصل إيمان إلا والظماء يصحبه فيزيد بالذوق فافهم ( الباب التاسع والأربعون ومائتان في الشرب ) الشرب بين مقام الذوق والري * مثل القضية بين النشر والطي إن الحقوق التي للحق قائمة * عليك فاحذر إذا ما كنت في الغي أنت الغني به إذ كان عينكم * فلا سبيل إلى مطل ولا لي غيلان لم يك مثلي في محبته * إذا تناظرت العشاق في مي وصل الوفاء وهجر المطل من شيمي * فإنني حاتمي الأصل من طي
549
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 549