نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 535
وإليها يعود المشرك يوم القيامة عند تبري الشركاء منهم وإذا لم يضف التبديل إليهم فهي بشرى في حقهم بما لهم إلى الرحمة وإن سكنوا النار فبحكم كونها دارا لا كونها دار عذاب وآلام بل يجعلهم الله على مزاج ينعمون به في النار بحيث لو دخلوا الجنة بذلك المزاج تألموا لعدم موافقة مزاجهم لما هي عليه الجنة من الاعتدال فمن حقت عليه كلمة الله بأمر فإنه يعمل في غير معمل ويطمع في غير مطمع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن يعمل بعمل أهل الجنة حتى يقرب منها بعمله فيما يبدو للناس فيسبق عليه الكتاب فيختم له بعمل أهل النار فيدخل النار وكذلك الآخر ثم قال وإنما الأعمال بالخواتم فذكر في هذا الحديث لمن هي السابقة وأن الخاتمة هي عين حكم السابقة ولهذا كان بعضهم يقول أنتم تخافون من الخاتمة وأنا أخاف السابقة وإنما سميت سابقة من أجل تقديمها على الخاتمة فهذا معنى موجود لم يظهر حكمه إلا بعد زمان فهو من بعض ما يمكن أن يستند إليه القائل بالكمون والظهور ولا سيما والشارع قد نبه عليه في الحديث بقوله في عمل أهل النار أعمال السعداء فقال فيما يبدو للناس وكذلك في عمل أهل الجنة أعمال الأشقياء فيما يبدو للناس والذي عندهم وهم فيه في بواطنهم خلاف ما يبدو للناس فعلم الله ذلك منهم فهذا معنى ما ظهر له حكم في الظاهر مع وجوده عندهم والمراؤون من هذا القبيل غير أن هنا بشرى فيما يذهب إليه وذلك أن العلماء قد علموا إن الحكم للسابق فإن اللاحق متأخر عنه ولهذا السابق يحوز قصب السبق وقصب السبق هنا آدم وذريته وقد تجارى غضب الله ورحمته في هذا الشأو فسبقت رحمته غضبه فحازتنا ثم لحق الغضب فوجدنا في قبضة الرحمة قد حازتنا بالسبق فلم ينفذ للغضب فينا حكم التأبيد بل تلبس بنا للمشاهدة بعض تلبس لما جمعنا مجلس واحد أثر فينا بقدر الاستعداد منا لذلك فلما انفصلت الرحمة من الغضب من ذلك المجلس أخذتنا الرحمة بحيازتها إيانا وفارقنا غضب الله فحكمه فينا أعني بني آدم غير مؤيد وفي غيرنا من المخلوقين ما أدري ما حكمه فيهم من الشياطين والله أعلم وصاحب هذا الذوق ما يرهب السابقة فإن رحمة الله لا يخاف منها إلا في دار التكليف فرهبة السبق إنما متعلقها سبق مخصوص لا سبق الرحمة وذلك السبق عرضي ليس بدائم إذا كان سبق شقاوة لأنه ليس له أصل يعضده فإن أصله غضب الله وهو لا حق لا سابق وأما سبق السعادة فما هو عرضي فيزول لأن له أصلا يعضده ويقويه وهو رحمة الله التي سبقت غضبه ولهذا السبق الجزئي العرضي السعادي يبقى والشقاوي لا يبقى فاعلم ذلك والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ( الباب الخامس والثلاثون ومائتان في التواجد وهو استدعاء الوجد ) إن التواجد لا حال فتحمده * ولا مقام له حكم وسلطان يزري بصاحبه في كل طائفة * وما له في طريق القوم ميزان بل ذمه القوم لما كان منقصة * والنقص ما فيه في التحقيق رجحان وكل ما هو فيه من يقوم به * فإنه كله زور وبهتان اعلم أن التواجد استدعاء الوجد لأنه تعمل في تحصيل الوجد فإن ظهر على صاحبه بصورة الوجد فهو كاذب مراء منافق لا حظ له في الطريق ولهذا لم تسلمه الطائفة إلا لمن أعلم الجماعة التي يكون فيها إنه متواجد لا صاحب وجد ولا يسلم له ذلك إلا إذا اتفق أن يعطي الحال بقرينته أن يوافق أهل الوجد في حركاتهم عن إشارة من شيخ يكون له حكم في الجماعة أو حرمة عندهم فإن خرج عن هذه الشروط فلا يجوز له أن يقوم متواجدا ولا أن يظهر عليه من ذلك أثر وكل وجد يكون عن تواجد فليس بوجد فإن من حقيقة الوجد أن يأتي على القلب بغتة يفجأه وهو الهجوم على الحقيقة فالوجد كسب فهو له والتواجد تكسب واكتساب الوجد عن التواجد اكتساب لا كسب وهذه بشرى من الله حيث جعل المخالفة اكتسابا والطاعة كسبا فقال لها يعني للنفس ما كسبت فأوجبه لها وقال في الاكتساب وعليها ما اكتسبت فما أوجب لها إلا الأخذ بما اكتسبته فالاكتساب ما هو حق لها فتستحقه فتستحق الكسب ولا تستحق الاكتساب والحق لا يعامل إلا بالاستحقاق فالعفو من الله يحكم على الأخذ بالجريمة فالتواجد الذي عند أهل الله إظهار صورة وجد من غير وجد على طريق الموافقة لأهل الوجد مع تعريفه لمن حضر أنه ليس بصاحب وجد لا بد
535
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 535