responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 493


تقاته فيعلم أن أحدا لا يطيق ذلك وأن قدر الله أجل وأعلى وأنزه أن يقدره أحد فيؤديه ذلك إلى النظر في نفسه وما آتاه الله من القوة في ذلك لما علم أن قدر الله ليس في وسع المخلوق القيام به وسمع الله يقول لا يكلف الله نفسا إلا وسعها وقال إلا ما آتاها وقال ما استطعتم فانزعج إلى القيام بحق الله على قدر الاستطاعة وما في وسعه ويتفاضل عباد الله في ذلك على نوعين على قدر ما يكشف لهم من جلال الله وعلى قدر أمزجتهم فإن الله قد جعل نفس الإنسان وعقله بحكم مزاج جسده فإن نفس الإنسان لا تدرك شيئا إلا بوساطة هذه القوي التي ركب الله في هذه النشأة فهي للنفس كالآلة فإن كانت الآلة مستقيمة على الوزن الصحيح ظهر حسن الصنعة بها إذا كانت النفس عالمة بالصنعة وعلمهم على قدر ما يكشف لهم الحق من ذلك في سرائرهم فمنهم من يكشف له فيما تطلبه الذات ومنهم من يكشف له فيما تطلبه الأسماء من حيث الدلالات النظرية ومنهم من يكشف له فيما تطلبه الأسماء من حيث ما جاءت به الشرائع من المقابل والمقارن فمنهم من يقام على رأس الستين ألفا من المنازل الإلهية ومنهم من يقام على رأس مائة ألف وعشرين ألفا من هذه المنازل ومنهم من يقام على رأس تسعين ألفا منحصرة في ستة مقامات لا سابع لها ولا يشارك عبد في شئ من هذه المنازل بل يكون فيها كل إنسان منفردا وهو قول الطائفة إن الله لا يتجلى في صورة واحدة لشخصين قد علم كل أناس مشربهم فهم وإن اجتمعوا في العدد فما لهم اجتماع في الذوق لأنهم لم يجتمعوا في المزاج ولو اجتمعوا في المزاج وهو محال ما تميزوا ولكان العين واحدة وثم موطن يعطي الظهور في صاحب المنزل الذي كان على رأس الستين ألفا خلاف هذا وهو في تلك الدرجة عينها فيكون له بدل الستين ألفا عدد آخر يكون مبلغه ثلاثة آلاف ألف وبكون لصاحب التسعين ألفا أربعة ألف ألف وخمسمائة ألف ويكون لصاحب المائة ألف وعشرين ألفا ستة آلاف ألف وهذا لا يكون إلا لأهل الصعود الذين قال الله فيهم إليه يصعد الكلم الطيب وكل من أسرى به سواء كان إسراء روحانيا أو بالجسم فإن له من المنازل هذا العدد الكثير وأما العدد الذي هو أقل منه فذلك للمريدين الذين هم في مقام التربية لا غير وأما حصرهم في ستة لا غير فمن طريقين الطريقة الواحدة نشأتهم القائمة على ست جهات يأتي الشيطان من الأربعة منها وتبقي الاثنان لا سبيل للشيطان عليهما ومن هناك يكون مال الناس إلى عموم الرحمة وشمولها لهاتين الجهتين وأما الستة المعنوية فالصفات الستة التي هي النسب الإلهية التي يتعلق الممكن بها والنسبة السابعة ما هي متوجهة على الممكن وإنما ظهرت لصحة هذه الستة خاصة لا لأمر آخر وهي نسبة كونه حيا إذ بهذه النسبة ثبتت الستة ولما كانت الحدود تحفظ الأشياء ولا سيما الحدود الذاتية جعلت خمسة لما كانت الخمسة لها الحفظ فاتسعت الحدود فأعطيت الحدود مقام الخمسة ولتكون الأعيان تامة كاملة النشأة ما فيها نقص وهذا كله إذا لاح للعبد على بعد انزعج إلى طلبه ليحصله إذ كان فيه تعظيم جناب الحق الذي هو مقصود هذا العبد فهذا حكم من أزعجه التعظيم وأما حكم من أزعجته الرغبة فيما عند الله فإن مشهده وما عند الله خير وأبقى ومشهد صاحب التعظيم والله خير وأبقى فاعلم أن انزعاج الرغبة بحسب ما تعشق به ورغب فيه وهو على نوعين متخيل وغير متخيل والمتخيل على نوعين النوع الواحد ما أدركه ببعض حواسه أو بجملتها أو أدركه من طريق الخبر فحمله على المعهود من صفة الجنة وما فيها وغير المتخيل هو ما رغبة فيه من حيث الإجمال وهو ما تحوي عليه الجنة أو تتضمنه مما لا عين رأته ولا أذن سمعته ولا خطر على قلب بشر فقد سمع أن فيها هذا فمثل هذا لا يمكن تخيله فكلما تخيله فقد خطر على قلب بشر فليس ذلك ومن طبع النفس إنها تحب أن تعلم ما لم تكن تعلم فهي تحب المزيد بالطبع إلا أنه يختلف تعلقها بما تستزيد منه فالذي تتعشق به منه تطلب المزيد لا من غيره فإن كان الراغب صاحب محبة لله فلا يخلو إما أن يكون عالما بالله أو غير عالم بالله من المحال أن يكون غير عالم بالله لأنه محب والمحب يطلب بذاته محبوبا يتعلق به من قام به حتى يسمى محبا فلا بد أن يكون عالما به غير أن العلماء به على مراتب منهم مؤمنون خاصة فعلموه من جهة الخبر والأخبار متقابلة فحار المحب فلم ينضبط له صورة في محبوبه ومنهم من رجح في الخبر ما أعطاه الخيال فأحب محدودا متصورا تعلق به فمثل هذا يزعجه طلب الوجد والأنس والوصال والرؤية والحديث على الطريقة المعهودة في الأشكال والأجناس

493

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 493
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست