نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 489
الملكي ثم نبهه على أنه ما فعل الذي فعل عن أمره فإنه ليس له أمر وما هو من أهل الأمر وهو مقام غريب في المقامات لو أن الله تعالى يبيح لنا كشفه للخلق لظهر علم لا يقوم له كون هذا قد ظهر من أثره ثلاث مسائل من شخص قد شهد الله عند نبيه بعدالته وزكاه وصار تبعا له وبين له ما قد سمعت وأدخل نفسه في أتباعه تحت شرطه وهو مثل موسى كليم الله ونجيه وأين كلامه مع ربه من كلامه مع الخضر فاختلف التجلي في الكلام ومع هذا لم يصبر لأنه قدم الاستثناء ولم يقدمه لما أنكر عليه فإنه من شأن النبي أن يكون متبعا كما هو متبع سواء وكذلك قال إن أتبع إلا ما يوحى إلى ما قال أن أفعل أو أقول إلا ما أشهد ما قال هكذا فكل مقام له مقال ولسان وأما أنوار الرياح فهي تجليات الاسم البعيد وهي تجليات لا ينبغي أن يذكر اسمها ولا تكون إلا لأهل الإلهام وللتجلي في أنوار الملائكة في هذا مدخل ولكن في الباطن لا في الظاهر خاصة وهم ملائكة اللمات والإلهام خاصة والإلقاء في هذا التجلي على النفوس ومن هذا التجلي تكون الخواطر وهي رياحية كلها لأن الرياح تمر ولا تثبت فإن قال أحد بثبوتها فليست ريحا ولذلك توصف بالمرور وتسمى بالخواطر وهي من راح يروح والرائح ما هو مقيم وأما التجلي في الأنوار الطبيعية فهو التجلي الصوري المركب فيعطي من المعارف بحسب ما ظهر فيه من الصور وهو يعم من الفلك إلى أدنى الحشرات وهو السماء والعالم فهو تجل في السماء والعالم ومن هذا التجلي تعرف المعاني واللغات وصلاة كل صورة وتسبيحها وهو كشف جليل نافع مؤيد فيه يرى المكاشف موافقة العالم وأنه ما ثم مخالفة ومن هنا يرى كل شئ يسبح بحمده وصاحب هذا المقام يرى على الشهود صور أعماله تكون حية مسبحة لله ذات روح ينفخ فيها صاحب هذا المقام وإن كانت في ظاهر الكون مخالفة ومعصية فإنها مخالفة صحيحة إلا أنها حية ناطقة تستغفر لصاحبها لأنه سوى نشأتها مخلقة وقد تمدح الله بأنه خلق فسوى ومن تسوية نشأتها مخلقة إنه لم يخرجها عن كونها معصية فلو أخرجها عن كونها معصية كانت غير مخلقة وشقي صاحبها وكان تسبيحها لعنة صاحبها فإنه أباح ما حرم الله فخرج عن الايمان بذلك فلا حظ له في الإسلام إلا أن يجدد إسلامه ويتوب وهذا تنبيه لم يزل أصحابه يكتمونه غيرة منهم وضعفا والتنبيه عليه أولى لأنها نصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم فلا توجد أبدا معصية مخلقة إلا من مؤمن ومن أعطى الشئ خلقه فقد جرى على السنن الإلهي فإن الله أعطى كل شئ خلقه فأعطى المعصية خلقها والطاعة خلقها فهكذا تكون صفة المؤمن وأما أنوار الأسماء فإنها تعين أسماء المعلومات فهو نور ينبسط على المعدومات والموجودات فلا يتناهى امتداد انبساطها وتمشي العين مع انبساطها فينبسط نور عين صاحب هذا المقام فيعلم ما لا يتناهى كما لا يجهل ما لا يتناهى بتضاعف الأعداد وهذا علامة من يكون الحق بصره فالأسماء كلها موجودة والمسميات منها ما هي معدومة العين لذاتها ومنها ما هي متقدمة العدم لذاتها وهي التي تقبل الوجود والأحوال لا تقبل الوجود مع إطلاق الاسم على كل ذلك فللأسماء الإحاطة والإحاطة لله لا لغيره فمرتبة الأسماء الإلهية وما فضل آدم الملائكة إلا بإحاطته بعلم الأسماء فإنه لولا الأسماء ما ذكر الله شيئا ولا ذكر الله شئ فلا يذكر إلا بها ولا يذكر ويحمد إلا بها فما زاحم صفة العلم في الإحاطة إلا القول والقول كله أسماء ليس القول غير الأسماء والأسماء علامات ودلائل على ما تحتها من المعاني فمن ظهر له نور الأسماء فقد ظهر له ما لا يمكن ذكره لا أقول غير ذلك ولولا أن الحق أطلق لفظة الكل على الأسماء في صفة علم آدم لقلنا من المحال أن يظهر انبساط نور الأسماء على المسميات لعين ولكن من فهم قول الله تعالى ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء وأشار علم ما التزمناه من الأدب وما أراد الله بلفظة كل في هذا التشريف وأما أنوار المولدات والأمهات والعلل والأسباب فهو تجل إلهي من كونه مؤثرا ومن كونه مجيبا إذا سئل وغافرا إذا استغفر ومعطيا إذا سئل وبهذا التجلي وهذه الأنوار تعلم قوله إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله وقوله أيضا عز وجل من يطع الرسول فقد أطاع الله وقوله تبارك وتعالى إن الصدقة تقع بيد الرحمن وقوله وأقرضوا الله قرضا حسنا وقوله عليه السلام إن الله يفرح بتوبة عبده فافهم
489
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 489