نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 459
في المتنفس ما ظهر للحروف عين ولولا التأليف ما ظهر للكلمات عين فالوجود مرتبط بعضه ببعض فلو لا الحرج والضيق ما كان للنفس الرحماني حكم فإن التنفيس هو إزالة عين الحرج والضيق فالعدم نفس الحرج والضيق فإنه يمكن أن يوجد هذا المعدوم فإذا علم الممكن إمكانه وهو في حال العدم كان في كرب الشوق إلى الوجود الذي تعطيه حقيقته ليأخذ بنصيبه من الخير فنفس الرحمن بنفسه هذا الحرج فأوجده فكان تنفيسه عنه إزالة حكم العدم فيه وكل موجود سوى الله فهو ممكن فله هذه الصفة فنفس الرحمن هو المعطي صور الممكنات الوجود كما أعطى النفس وجود الحروف فالعالم كلمات الله من حيث هذا النفس كما قال وكلمته ألقاها إلى مريم وهو عين عيسى عليه السلام وأخبر أن كلمات الله لا تنفد فمخلوقاته لا تزال توجد ولا يزال خالقا وكذلك لما رأينا في هذه الأجسام العنصرية أمورا مختلفة الصور مختلفة الأشكال مختلفة المزاج ومع هذا ما يخرجها ذلك الاختلاف عن حقيقة كونها يجمعها حد واحد وحقيقة واحدة كأشخاص الحيوان على اختلاف أنواعه وأشكاله كالطير لا يخرجه ما ظهر فيه من اختلاف المقادير والأشكال والألوان عن كونه طيرا فعلمنا إن هذا الاختلاف ما هو لكونه إنسانا ولا لكونه طيرا فإن الإنسانية في كل واحد واحد من أشخاصها مع ظهور الاختلاف فلا بد لذلك من حقائق أخر معقولة أوجبت لها ذلك الاختلاف فبحثنا عن ذلك في العلم الإلهي الذي هو مطلوبنا إذ كان الوجود مرتبطا به فوجدناه تعالى لا يكرر تجليا ويظهر في صورة ينكر فيها وفي صورة يعرف فيها وهو الله تعالى في الصورتين الأولى والآخرة وفي كل صور التجلي فقامت صور التجلي في الألوهة مقام اختلاف أحوال صور أشخاص النوع في النوع فعلمنا أن تغير أشخاص النوع من هذه الحقيقة الإلهية فعلمنا إنا ما علمنا من الحق إلا ما أشهدنا وأن الله تجلى للنوع من حيث ما هو نوع فلم يتغير عن نوعيته كما لم يزل إلها في ألوهته ثم يظهر لذلك النوع في صور مختلفة اقتضتها ذاته تعالى فظهر في أشخاص النوع اختلاف صور على وزنها ومقدارها فلو لا أنه في استعداد هذا النوع المتغير بالشخص في الأشكال والألوان والمقادير التي لا تخرجه عن نوعيته لما قبل هذا التغيير ولكان على صورة واحدة وإذا كان الكثيف مع كثافته مستعد القبول الصور المختلفة بصنعة الصانع فيه كالخشب وما تصور منه بحسب ما يقوم في نفس الصانع من الصور المختلفة فاللطيف أقبل للاختلاف كالماء والهواء فما كان ألطف كان أسرع بالذات لقبول الاختلاف فتبين لك أن اختلاف صور العالم من أعلاه لطفا إلى أسفله كثافة لا يخرج كل صورة ظهر فيها عن كونه نفس الرحمن قال تعالى والله أنبتكم من الأرض نباتا فالأرض واحدة وأين صورة النجم من صورة الشجر على اختلاف أنواعها من صورة الإنسان من صور الحيوان وكل ذلك من حقيقة عنصرية ما زالت عنصريتها باختلاف ما ظهر فيها فاختلاف العالم بأسره لا يخرجه عن كونه واحد العين في الوجود فزيد ما هو عمرو وهما إنسان فهما عين الإنسان لا غيره فمن هنا تعرف العالم من هو وصورة الأمر فيه إن كنت ذا نظر صحيح وفي أنفسكم أفلا تبصرون ما ثم إلا النفس الناطقة وهي العاقلة والمفكرة والمتخيلة والحافظة والمصورة والمغذية والمنمية والجاذبة والدافعة والهاضمة والماسكة والسامعة والباصرة والطاعمة والمستنشقة واللامسة والمدركة لهذه الأمور واختلاف هذه القوي واختلاف الأسماء عليها وليست بشئ زائد عليها بل هي عين كل صورة وهكذا تجده في صور المعادن والنبات والحيوان والأفلاك والأملاك فسبحان من أظهر الأشياء وهو عينها فما نظرت عيني إلى غير وجهه * وما سمعت أذني خلاف كلامه فكل وجود كان فيه وجوده * وكل شخيص لم يزل في منامه فتعبير رؤيانا لها في منامنا * فمن لام فليلحق به في ملامه ومما يتعلق بهذا الباب وبباب ركن الماء ما يظهر فيهما من السخانة عن الشعاعات النورية المنفهقة من ذات الشمس أين أصلها في العلم الإلهي فإن الأجسام الأرضية والمائية إذا اتصلت بها أشعة الأنوار الشمسية والكوكبية يرى بعض الأجسام يسخن عند انبساط الشعاع عليه وبعض الأجسام على برده لا يقبل التسخين مع اختراق الشعاعات ذلك الجسم كدائرة الزمهرير وما علا من الجو لا أثر لحر الشعاعات فيه فاعلم إن للوجه الإلهي سبحات محرقات لولا الحجب
459
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 459