responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 457


في مظهره وإنما يحكم فيما دونه فلا حكم للزمان في حركات الفلك لأنه المظهر عينه وللحوادث الظاهرة والطارئة في الأفلاك والسماوات والعالم العلوي أسباب غير الزمان وحركات الفلك مرتبة متتالية الأجزاء على طريقة واحدة كتحرك الرحى فكل جزء لا يفارق مجاورة وحركة الأركان ليست كذلك فإن حركة العنصر متداخلة بعضها في بعض يزول كل جزء عن الجزء الذي كان يجاوره ويعمر أحيازا غير أحيازه التي كان فيها فأسباب حركة العنصر تخالف أسباب حركة الفلك لأن حركة الفلك ما تعرف سوى ما تعطيه في الأركان من التحريك وشعاعات كواكبها بما أودع الله فيها من العقل والروح والعلم تعطي في أشخاص كل نوع من المولدات على التعيين من معدن ونبات وحيوان وجن وملك مخلوق من عمل أو نفس بقول من تسبيح وذكر أو تلاوة وذلك لعلمها بما أودع الله لديها وهو قوله تعالى وأوحى في كل سماء مرها فمن لا كشف له يرى أن ذلك كله الكائن عن سريانها إنها مسخرات في حركاتها لإيجاد هذه الأمور كتحريك الصانع للآلات لإيجاد صورة ما يريد إيجادها كالصورة في الخشب وغيره ولا تعرف الآلات شيئا من ذلك ولا ما صدر عنها وإن كانت تلك الصور لا تظهر إلا بهذه الآلات هكذا يزعم من يذهب إلى غير ما ذهبنا إليه وذهب إليه أهل الله من أهل الكشف والوجود ونحن نقول إن آلة النجار ربما تعلم أكثر مما يعلم الصانع بها فإنها حية ناطقة عالمة بخالقها مسبحة بحمد ربها عالمة بما خلقت له عند أهل الكشف فإن المكاشف إذا كشف الله عن بصره وسمعه تناديه أشجار الأرض ونجمها بمنافعها ومضارها كما قالت الأحجار لداود عليه السلام يقول كل حجر يا داود خذني فإنا أقتل جالوت وقال له الحجر الآخر خذني فإني أجعل الكسرة في ميمنة عسكره فقد علم كل حجر ما خلق له فأخذ داود تلك الأحجار فوقع الأمر كما ذكرت ولما لم يبلغ بعض الناس هذه الدرجة ولا طولع بها أنكرها ولم يكن ينبغي له ذلك فما من متحرك في العالم إلا وهو عالم بما إليه يتحرك إلا الثقلين فقد يجهلون ما يتحركون إليه بل يجهلون إلا من شاء الله من أهل الكشف من مريد وغيره قال الله للسماء والأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين وإتيان الأرض حركة وانتقال لما دعيت إليه فجاءت طائعة فكل جزء في الكون عالم بما يراد منه فهو على بصيرة حتى أجزاء بدن الإنسان فما يجهل منه إلا لطيفته المكلفة الموكلة إلى استعمال فكرها أو تنظر بنور الايمان حتى يظهر ذلك النور على بصرها فيكشف ما كان خبرا عندها فإذا كانت حركة العنصر تخالف حركة الفلك بالتداخل وبما يطرأ عليها من السكون في بعض أجزاء العنصر لا في كله فنعلم قطعا إن حكم الحركة في العنصر يخالف حكم حركة الفلك فحكم حركة العنصر أي عنصر كان فإن كان بين عنصرين كالهواء والماء أو لا يكون بين عنصرين كالنار والأرض فحركة الهواء العنصري يظهر فيه من الأثر بحسب ما يباشر منه ما فوقه وما تحته وكذلك عنصر الماء وأما حركة النار فلا تؤثر فيه إلا الهواء وحركة الأرض لا تؤثر فيه إلا الماء والهواء وبهذا يفارق هذا العنصر عنصر النار فإذا أثر النار التسخين فيما عداه من الأركان فيأخذ أمرين إما بوساطة شعاع الكوكب الأعظم وهو الشمس فإن شعاعها يمر على الأثير فيكتسب زيادة كميات في حرارته أو بوساطة النار المحمولة في الفحم أو الحطب وهذه الآثار التي تظهر في العنصر من غيره إن لم يكن له إمداد من العنصر الذي ظهر عنه ذلك الأثر والأغلب عليه حكم العنصر الذي ظهر فيه الأثر فأفسده فهذا من أنواع الكون والفساد الظاهر في أجسام العناصر ثم لتعلم إن التحقيق في الحركة والسكون أنهما نسبتان للذوات الطبيعية المتحيزة المكانية أو القابلة للمكان إن كانت في الإمكان وذلك أن المتحيز لا بد له من حيز يشغله بذاته في زمان وجوده فيه فلا يخلوا ما أن يمر عليه زمان ثان أو أزمنة وهو في ذلك الحيز عينه فذلك المعبر عنه بالسكون أو يكون في الزمان الثاني في الحيز الذي يليه وفي الزمن الثالث في الحيز الذي يلي الحيز الثاني فظهوره وأشغاله لهذه الأحياز حيزا بعد حيز لا يكون إلا بالانتقال من حيز إلى حيز ولا يكون ذلك إلا بمنقل فإن سمي ذلك الانتقال حركة مع عقلنا إنه ما ثم إلا عين المتحيز والحيز وكونه شغل الحيز الآخر المجاور لحيزه الذي شغله أولا فلا يمنع ومن ادعى أن ثم عينا موجودة تسمى حركة قامت بالمتحيز أوجبت له الانتقال من حيز إلى حيز فعليه بالدليل فما انتقل إلا بمنقل أما إن كان ذا إرادة فبإرادته أو بمنقل غيره نقله من حيز إلى حيز وكذلك الاجتماع والافتراق نسبتان للمتحيزات فالاجتماع كون متحيزين متجاورين في حيزين لا يعقل بينهما ثالث والافتراق أن

457

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 457
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست