نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 432
المرتبة الرابعة من مراتب الوجود كما هو الحاء المهملة في المرتبة الرابعة من مخارج الحروف في النفس الإنساني غير أن الحرف له صورة لفظية في القول محسوسة للسمع وليس لهذا الجوهر الهبائي مثل هذا الوجود وهذا الاسم الذي اختص به منقول عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأما نحن فنسميه العنقاء فإنه يسمع بذكره ويعقل ولا وجود له في العين ولا يعرف على الحقيقة إلا بالأمثلة المضروبة كما أن كون الحق نور السماوات والأرض لم يعرف بحقيقته وإنما عرفنا الحق به بضرب المثل فقال مثل نوره كمشكاة الآية فذكر الأمور التي تنبغي للمصباح المشبه به نور السماوات والأرض وهو الذي أنارت به العقول العلوية وهو قوله السماوات والصور الطبيعية وهو قوله والأرض كذلك هذا المعقول الهبائي لا يعرف إلا بالمثل المضروب وهو كل أمر يقبل بذاته الصور المختلفة التي تليق به وهو في كل صورة بحقيقته وتسميه الحكماء الهيولى وهي مسألة مختلف فيها عندهم ولسنا ممن يحكى أقوالهم في أمر ولا أقوال غيرهم وإنما نورد في كتابنا وجميع كتبنا ما يعطيه الكشف ويمليه الحق هذا طريقة القوم كما سئل الجنيد عن التوحيد فأجاب بكلام لم يفهم عنه فقيل له أعد الجواب فإنا ما فهمنا فقال جوابا آخر فقيل له وهذا أغمض علينا من الأول فأمله علينا حتى ننظر فيه ونعلمه فقال إن كنت أجريه فإنا أمليه أشار إلى أنه لا تعمل له فيه وإنما هو بحسب ما يلقى إليه مما يقتضيه وقته ويختلف الإلقاء باختلاف الأوقات ومن علم الاتساع الإلهي علم أنه لا يتكرر شئ في الوجود وإنما وجود الأمثال في الصور يتخيل أنها أعيان ما مضى وهي أمثالها لا أعيانها ومثل الشئ ما هو عينه واعلم أن هذا المعقول الرابع من وجود العقل فيه تظهر العين التي تقبل حكم الطبيعة وهو الجسم الكل الذي يقبل اللطيف والكثيف والكدر والشفاف وهو الذي يأتي ذكره في الفصل الثاني بعد هذا وهذا المعقول إنما قيدنا مرتبته بأنها الرابعة من حيث نظرنا إلى قبوله صورة الجسم خاصة وإنما بالنظر إلى حقيقته فليست هذه مرتبته ولا ذلك الاسم اسمه وإنما اسمه الذي يليق به الحقيقة الكلية التي هي روح كل حق ومتى خلى عنها حق فليس حقا ولهذا قال ع لكل حق حقيقة فجاء باللفظ الذي يقتضي الإحاطة إذا تعرى عن القرائن المقيدة وهو لفظة كل كمفهوم العلم والحياة والإرادة فهي معقولة واحدة في الحقيقة فإذا نسب إليها أمر خاص لنسبة خاصة حدث لها اسم ثم إنه إذا نسب ذلك الأمر الخاص إلى ذات معلومة الوجود وإن لم يعلم حقيقتها فنسب إليها ذلك الأمر الخاص بحسب ما تقتضيه تلك الذات المعينة فإن اتصفت تلك الذات بالقدم اتصف هذا الأمر بالقدم وإن اتصفت بالحدوث اتصف هذا الأمر بالحدوث والأمر في نفسه لا يتصف بالوجود إذ لا عين له ولا بالعدم لأنه معقول ولا بالحدوث لأن القديم لا يقبل الاتصاف به والقديم لا يصح أن يكون محلا للحوادث ولا يوصف بالقدم لأن الحادث يقبل الاتصاف به والحادث لا يوصف بالقديم ولا يصح أن يكون القديم حالا في المحدث فهو لا قديم ولا حادث فإذا اتصف به الحادث سمي حادثا وإذا اتصف به القديم سمي قديما وهو قديم في القديم حقيقة وحادث في المحدث حقيقة لأنه بذاته يقابل كل متصف به كالعلم يتصف به الحق والخلق فيقال في علم الحق إنه قديم فإن الموصوف به قديم فعلمه بالمعلومات قديم لا أول له ويقال في علم الخلق إنه محدث فإن الموصوف به لم يكن ثم كان فصفته مثله إذ ما ظهر حكمها فيه إلا بعد وجود عينه فهو حادث مثله والعلم في نفسه لا يتغير عن حقيقته بالنسبة إلى نفسه وهو في كل ذات بحقيقته وعينه وما له عين وجودية سوى عين الموصوف فهو على أصله معقول لا موجود ومثاله في الحس البياض في كل أبيض والسواد في كل أسود هذا في الألوان وكذلك في الأشكال التربيع في كل مربع والاستدارة في كل مستدير والتثمين في كل مثمن والشكل بذاته في كل متشكل وهو على حقيقته من المعقولية والذي وقع عليه الحس إنما هو المتشكل لا الشكل والشكل معقول إذ لو كان المتشكل عين الشكل لم يظهر في متشكل مثله ومعلوم أن هذا المتشكل ليس هو المتشكل الآخر فهذا مثل مضروب للحقائق الكلية التي اتصف الحق والخلق بها فهي للحق أسماء وهي للخلق أكوان فكذلك هذا المعقول الرابع لصور الطبيعة يقبل الصور بجوهره وهو على أصله في المعقولية والمدرك الصورة لا غيرها ولا تقوم الصورة إلا في هذا المعقول فما من موجود إلا وهو معقول بالنظر إلى ما ظهرت فيه صورته موجود بالنظر إلى صورته ألا ترى الحق تعالى ما تسمى باسم ولا وصف نفسه بصفة ثبوتية إلا والخلق يتصف بها وينسب إلى كل موصوف بحسب
432
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 432