نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 428
محدث أي أحدثت بعض هذه الأمور السؤالات وأما السبب المعنوي فهو من جهة المسبب بفتح الباء اسم مفعول ومن المسبب اسم فاعل فمن جهة المسبب اسم المفعول استعداده لقبول الأثر فيه إذ لو لم يكن فيه استعداد لما وقع فيه الأثر فذلك الاستعداد أمنع من المحال فما يكون ومع هذا فله استعداد في قبول الفرض فيه فلهذا نفرض المحال في بعض المسائل وإن كان لا يقبل الوجود لنستخرج من ذلك الفرض علما لم يكن عندنا فلو لا استعداده لقبول الفرض ما تمكن للعقل أن يفرضه فالممكن أقبل لعين الوجود والسبب الذي من جهة المسبب اسم فاعل فما ذكر الله تعالى إنما قولنا فأثبت عينه وقوله إذا أردناه فأثبت الإرادة والتعلق بالمراد فلا بد من هذا شأنه أن يكون عالما حيا له اقتدار على ما يريد تكوينه فهذه كلها استعدادات نسبية معنوية إلا العين الذي هو المسبب فإنه سبب وجودي لا يكون علة لكن هو شرط ولا بد ولما خلق الله هذا العقل الأول قلما طلب بحقيقته موضع أثر لكتابته فيه لكونه قلما فانبعث من هذا الطلب اللوح المحفوظ وهو النفس فلهذا كانت أول موجود انبعاثي لما انبعثت من الطلب القائم بالقلم ولم يكن في القوة العقلية الاستقلال بوجود هذا اللوح فتأيد بالاسم الباعث وبالوجه الخاص الذي انبعثت عنه هذي النفس فالقى العقل إليها جميع ما عنده إلى يوم القيامة مسطرا منظوما وهو موجود ثالث بين اللوح والقلم مرتبته وبعد اللوح وجوده وجعل الله في القلم الإلقاء لما خلق فيه وجعل في اللوح القبول لما يلقى إليه فكان ما ألقى إليه وما ضمه اللوح من الكلمات المخلوقة في ذات القلم واللوح بعد فراغه من الكتابة مائتي ألف آية وتسعا وستين ألف آية ومائتي آية وهو ما يكون في الخلق إلى يوم القيامة من جهة ما تلقيه النفس في العالم عند الأسباب وأما ما يكون من الوجوه الخاصة الإلهية في الموجودات فذلك يحدث وقت وجوده لا علم لغير الله به ولا وجود له إلا في علم الله وهذا جميع ما حصله العقل من النفس الرحماني من حيث ما كلمه به ربه تعالى كما كلم موسى ربه باثنتي عشرة ألف كلمة في كل كلمة يقول له يا موسى وصورة التلقي الإلهي للعقل تجل رحماني عن محبة من المتجلي والمتجلي له ومن هذا المقام جعل الله بين الزوجين المودة والرحمة ليسكن إليها وجعل الزوجة مخلوقة من عين الزوج ونفسه كما قال وهو الذي خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآية أي علامة ودليلا لقوم يتفكرون فيعلمون أنه الحق وفائدة هذا التفكر أن الإنسان إذا تزوج بالمرأة ووجد السكون إليها وجعل الله بينهما المودة والرحمة علم أن الله يريد التحامهما فإذا ارتفع السكون من أحدهما إلى صاحبه أو منهما وزالت المودة وهي ثبوت هذا السكون وبهذا سمي الحب ودا لثبوته وتسمى بالودود لثبوت حبه من أحب من عباده وزالت الرحمة من بينهما أو من أحدهما بصاحبه فأعرض عنه فيعلم أن الله قد أراد طلاقهما فيبادر لذلك فيفوز عند الله بهذا المقام فإن لج وعاند يحرم القرب الإلهي فإن الحضرة الإلهية لا تقبل اللجاج والمعاندة وقد ثبت في الشرع ما ثبت وما يعرف ما قلناه إلا أهل التفكر من عباد الله فإن الله ما جعله آية إلا لهم فجعل سبحانه سبب حصول هذه العلوم في ذات العقل التجلي ومنه تلقى ذلك وكان سبب التجلي الحب فإنه أصل سبب وجود العالم والسماع سبب كونه وقد بينا هذا في باب السماع والمحبة وأما صورة تلقي النفس ما عندها من العلوم فهو على وجهين هي وكل موجود عن سبب ويختلف باختلاف تنوع الأسباب الوجه الواحد إذا كان التلقي لكل موجود عند سبب من وجهه الخاص به فلا يكون إلا عن تجل إلهي سواء علمه المتجلي له أو لم يعلمه فإن علمه كان من العلماء بالله وإن لم يعلمه كان من أهل العناية وهو لا يشعر إنه معتنى به فإن أكثر الناس لا يعلمون حديث هذا الوجه الخاص ولا يعرفونه فإنه علم خاص لا يعطيه الله إلا لمن اختصه واصطنعه لنفسه من عباده وأما الوجه الآخر من التلقي فهو ما يستفيده من السبب ولا تحصى طرقه فإن الأسباب مختلفة فأين سببية العقل فيما يظهر على النفس من توجهه وتلقيها من سببية السماء فيما يظهر على الأرض من النبات من توجهها عليها بما تلقيه من الغيث فيها وتلقيها لذلك ولكل حركة فلكية ونظر كوكب في العالم العلوي وإمداد الطبيعة كل ذلك أسباب لوجود زهرة تظهر على وجه الأرض أين هذا من توجه سببية العقل فلهذا قلنا ما تنحصر أسبابه مع كونها منحصرة في نفس الأمر فمن النفس إلى آخر ركن في العالم وبعض المولدات ما بين النفس وآخر ركن
428
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 428