نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 418
واحدة وعين واحدة والصور كثيرة مختلفة بالحد والحقيقة وبيدها المنع والعطاء وذلك لله أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشئ عجاب أي الكثرة في عين الواحد ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين فما أنكروه ولا ردوه بل استعظموه واستكبروه وتعجبوا كيف تكون الأشياء شيئا واحدا واستكبروا مثل هذا الكلام من مثل هذا الشخص حيث علموا أنه منهم وما شاهد إلا ما شاهدوه فمن أين له هذا الذي ادعاه فحجبهم الحس عن معرفة النفس والاختصاص الإلهي فامتثلوا أمر الله من حيث لا يشعرون لأنه الآمر عباده بالاعتبار وهو التعجب فقال إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار وقال فاعتبروا يا أولي الأبصار فاعتبروا كما أمروا فهم من أولي الأبصار وقولهم إن هذا إلا اختلاق لما جاءهم التعريف بهذا على يدي واحد منهم ولم يعرفوا العناية الإلهية والاختصاص الرباني والاختلاق لم يكن فيما تعجبوا منه لأنه لو أحالوه بالكلية ما تعجبوا وإنما نسبوا الاختلاق لمن جاء به إذ كان من جنسهم ومما يجوز عليه ذلك حتى يتبين لهم برؤية الآيات فيعلمون أنه ما اختلق هذا الرسول وأنه جاءه من عند الله الذي عبد هؤلاء هذه المسماة آلهة عندهم على جهة القربة إلى الله الكبير المتعالي فأنزلوهم بمنزلة الحجة للملك وأعطوهم اسمه كما يعطي اسم الولاية لكل وال وإن كان الوالي هو الله فالولاة كثيرون فكأنه أخبرهم عن الله أنه ما ولي هؤلاء الذي يعبدون بل آباؤكم نصبوهم آلهة هذا الإله الذي أدعوكم إليه تعرفونه وأنه اسمه الله لا تنكرونه وأنتم القائلون ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى فسميتموه فسموا آلهتكم فتعرفوا عند ذلك الأمر الحق بيد من هو هل هو بأيديكم أو بيدي يقول الرسول فلما عرفوا قوله وتحققوه علموا أنهم في فضيحة لأنهم إذا سموهم لم يسموهم الله ولا عقلوا من أسمائهم مسمى الله فإنهم عارفون بأسمائهم فقالوا مثل ما قال قوم إبراهيم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون فتلك الحجة الإلهية عليهم منهم فما حاجهم إلا بهم وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه ( التوحيد السابع والعشرون ) من نفس الرحمن هو قوله ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فإني تصرفون هذا توحيد الإشارة فما في الكون مشار إليه إلا هو فإني تصرفون لأن الإشارة لا تقع من المشير إلا لأمر حادث عنده وإن لم يكن في عينه في نفس الأمر حادثا ولكنه يعلم أنه حدث عنده وما يحدث أمر عند من يحدث عنده إلا ولا بد أن يجهل أمره عند ما يحدث عنده لشغله بحدوثه عنده وأثره فيه فيشير إليه في ذلك الوقت وفي تلك الحالة رفيقه وهو على نوعين إذ ما له رفيق سوى اثنين إما عقله السليم وإما شرعه المعصوم وما ثم إلا هذا لأنه ما ثم من يقول له في هذه الإشارة ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو إلا أحد هذين القرينين إما العقل السليم أو الشرع المعصوم وما عدا هذين فإنه يقول له خلاف ما قال هذان القرينان فيقول له هذا الدهر وتصرفه ويقول الآخر هذه الطبيعة وأحكامها ويقول الآخر هذا حكم الدور فيصرفه كل قائل إلى ما يراه فهو قول هذين القرينين فإني تصرفون فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء بالقرآن وما يضل به إلا الفاسقين الخارجين عن حكم هذين القرينين والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ( التوحيد الثامن والعشرون ) من نفس الرحمن هو قوله شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير هذا توحيد الصيرورة وهو من توحيد الهوية وهو على الحقيقة مقام الايمان لأن المؤمن من اعتدل في حقه الخوف والرجاء واستوت فيهما قدماه فلم يحكم فضله في عدله ولا عدله في فضله فكما تجلى في شديد العقاب تجلى في الطول الأعم المؤيد بغافر الذنب وقابل التوب ولم يجعل للشديد العقاب مؤيدا وذلك للدعوى في الشدة فوكل إلى ما ادعاه فهو غير معان ومن لم يدع فهو معان فإنها ولاية في الخلق ولأنه جاء بالشدة في العقاب ولم يجئ في الطول مثل هذه الصفة فلهذا شدد أزره بغافر الذنب وقابل التوب فأشار إلى ذوي الأفهام من عباده بإعانة ذي الطول بغافر الذنب وقابل التوب على الشديد العقاب إلى ترك الدعوى فإن الشديد في زعمه أنه لا يقاوم ولو علم أن ثم من يقاومه ما ادعى ذلك فنبه تعالى عباده على ترك الدعوى فيكون الحق يتولى أمورهم بنفسه وعصمهم في حركاتهم وسكناتهم ليقفوا عند ذلك ويعلموا أنه الحق ( التوحيد التاسع والعشرون ) من نفس الرحمن هو قوله ذلكم الله ربكم خالق كل شئ لا إله إلا هو فإني تؤفكون هذا توحيد الفضل وهو من توحيد الهوية لأنه جاء بعد قوله إن الله لذو فضل
418
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 418