نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 415
الرحماني وهي كلمات الحق كما نفس الله عن يونس بالخروج من بطن الحوت فعامل قومه بما عاملهم به من كونه كشف عنهم العذاب بعد ما رأوه نازلا بهم فآمنوا أرضاه الله في أمته فنفعها إيمانها ولم يفعل ذلك مع أمة قبلها إذ كان غضبه لله ومن أجله وظنه بربه أنه لا يضيق عليه وكذلك فعل ففرج الله عنه بعد الضيق ليعلم قدر ما أنعم الله به عليه ذوقا كما قيل أحلى من الأمن عند الخائف الوجل فدل على أن يونس كان محبوبا لله حيث خص قومه من أجله بما لم يخص به أمة قبلها وعرفنا بذلك فقال فلو لا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين فأمد لهم في التمتع في مقابلة ما نالوه من الألم عند رؤية العذاب فإنه معلوم من النفوس الإنسانية أن ليالي الأنس والوصال قصار وإن كانت في نفس الأمر لها مدة طويلة وليالي الهجران والعذاب طوال وإن كانت في نفس الأمر قصارى كما ذكروا في تفسير أيام الدجال أنه أول يوم كسنة لشدة فجأة البلاء يطول عليهم ثم كشهر ثم كجمعة فإذا استصحبوه كان كسائر الأيام المعلومة التي لا يطولها حال ولا يقصرها حال وكما قيل في يوم القيامة إن مقداره خمسون ألف سنة لهول المطلع وما يرى الخلق فيه من الشدة وهو عند الآمنين الذين لا يحزنهم الفزع الأكبر في الامتداد كركعتي الفجر وأين زمان ركعتي الفجر من زمان خمسين ألف سنة فلما اشتد البلاء على قوم يونس وكانت اللحظة الزمانية عندهم في وقت رؤية العذاب كالسنة أو أطول ذكر أنه تعالى جعل في مقابلة هذا الطول الذي وجدوه في نفوسهم إن متعهم إلى حين فبقوا في نعيم الحياة الدنيا زمانا طويلا لم يكن يحصل لهم ذلك لولا هذا البلاء فانظر ما أحسن إقامة الوزن في الأمور وقد قيل إن الحين الذي جعله غاية تمتعهم أنه القيامة والله أعلم ورأينا من رأى منهم رجلا رأينا أثر رجله في الساحل وكان أمامي بقليل فلم ألحقه فأكتلت طول قدمه في الرمل ثلاثة أشبار وثلثي شبر وكان من قوم يونس وبعث إلينا بكلام عن حوادث تحدث بالأندلس حيث كنا سنة خمس وثمانين وسنة ست وثمانين وخمسمائة فما ذكر شيئا إلا رأيناه وقع كما ذكر فانظر في هذه العناية الإلهية بهذا النبي وما جاء به من الاعتراف في توحيده ( التوحيد الحادي والعشرون ) من نفس الرحمن فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم هذا توحيد الحق وهو توحيد الهوية قال تعالى ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين وهو قوله أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا فلا إله إلا هو من نعت الحق فالأمر الذي ظهر فيه وجود العالم هو الحق وما ظهر إلا في نفس الرحمن وهو العماء فهو الحق رب العرش الذي أعطاه الشكل الإحاطي لكونه بكل شئ محيطا فالأصل الذي ظهر فيه صور العالم بكل شئ من عالم الأجسام محيط وليس إلا الحق المخلوق به فكأنه لهذا القبول كالظرف يبرز منه وجود ما يحوي عليه طبقا عن طبق عينا بعد عين على الترتيب الحكمي فأبرز ما كان فيه غيبا ليشهده فيوحده مع صدوره عنه فيحار إن عدده فما ثم غيره وإن وحده فيرى إن عينه ليس هو فأوجد طرفين وواسطة لتميز الأعيان في العين الواحدة فتعددت الصور وما تعددت الخشبية ولا العودية فالعودية في كل صورة بحقيقتها من غير تبعيض وهذه الصورة ما هي هذه الصورة وليس ثم شئ زائد على العودية فقيل ما ثم شئ فقال وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ما خلقناهما إلا بالحق قيل فأين هو قال في عين التمييز فلا أقدر على إنكار التمييز ولا أقدر أثبت سوى عين واحدة فلا إله إلا هو رب العرش الكريم ( التوحيد الثاني والعشرون ) من نفس الرحمن هو قوله الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم هذا توحيد الخب ء وهو من توحيد الهوية لما كان الخب ء النباتي تخرجه الشمس من الأرض بما أودع الله فيها من الحرارة ومساعدة الماء بما أعطى الله فيه من الرطوبة فجمع بين الحرارة ومنفعل البرودة حتى لا تستقل الشمس بالفعل فظهرت الحياة في الحي العنصري وكان الهدهد دون الطير قد خصه الله بإدراك المياه كان يرى للماء السلطنة على بقية العناصر تعظيما لنفسه وحماية لمقامه حيث اختص بعلمه ليشهد له بالعلم بأشرف الأشياء حيث كان العرش المستوي عليه الرحمن على الماء فكان يحامي عن مقامه ووجد قوما يعبدون الشمس وهي على النقيض من طبع الماء الذي جعل الله منه كل شئ حي وعلم أنه لولا حرارة الشمس ما خرج هذا الخب ء وأنها مساعدة للماء فأدركته العيرة في المنافر فوشى إلى سليمان ع بعابديها وزاد للتغليظ بقوله من دون الله ينبهه على موضع الغيرة والشمس وإن أخرجت خب ء الأرض بحرارتها فهي تخبأ الكواكب
415
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 415