نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 372
لا معجزة ومنها ما تكون كرامة ومنها ما تكون مؤيدة ومنها ما تكون منبهة وباعثة ومنها ما يكون جزاء ومنها ما يكون مكرا واستدراجا وكلها لها علامات عند أهل الله مع كون هؤلاء لا علم لهم بشئ من ذلك بخلاف الصنف الأول فإنهم على علم ما يصدر منهم وما من شئ مما ذكرناه في الصنف الثاني المضاف عمله إلى الله تعالى إلا والاحتمال يدخله هل هو عن عناية أولا عن عناية إلا المعجزة والآية فإنها عن عناية ولا بد إنها الصدق المخبر والمؤيدة كذلك وما عدا هذين فيتطرق إليه الاحتمال كما ذكرنا ثم نرجع إلى ما تقضي به طريقنا إن خرق العادة في الأولياء لا يكون إلا لمن خرق العادة في نفسه بإخراجها عن حكم ما تعطيه حقيقتها وهو تصرفها في المباح أو ما يلقي إليها الشيطان بالتزيين من إتيان المحظور أو ترك الواجب فمن خرق في نفسه هذه العادة خرق الله له عادة في الكون بأمر يسمى كلاما على الخاطر أو مشيا في الهواء أو ما كان وقد ذكرنا فصول هذه الكرامات وبينا مراتبها وما ينتجها في كتاب مواقع النجوم ما سبقنا إليه في علمنا أعني إلى ترتيبه لا إلى علم ما فيه وهو كتاب صحيح الطريق عظيم الفائدة صغير الجرم بنيناه على المناسبة فإن المناسبة أصل وجود العالم وخرق العوائد من العالم وقد جعل الله آياته في العالم معتادة وغير معتادة فالمعتادة لا يعتبرها إلا أهل الفهم عن الله خاصة وما سواهم فلا علم لهم بإرادة الله فيها وقد ملأ الله القرآن من الآيات المعتادة من اختلاف الليل والنهار ونزول الأمطار وإخراج النبات وجرى الجواري في البحر واختلاف الألسنة والألوان والمنام بالليل والنهار لابتغاء الفضل وكل ما ذكر في القرآن أنه آية لقوم يعقلون ويسمعون ويفقهون ويؤمنون ويعلمون ويوقنون ويتفكرون ومع هذا كله فلا يرفع بذلك أحد من الناس رأسا إلا أهل الله وهم أهل القرآن خاصة الله وأما الآيات الغير المعتادة وهي خرق العوائد فهي التي تؤثر في نفوس العامة مثل الزلازل والرجفات والكسوف ونطق حيوان ومشي على ماء واختراق هواء وإعلام بكوائن في المستقبل تقع على حد ما أعلم والكلام على الخواطر والأكل من الكون وإشباع القليل من الطعام الكثير من الناس هذا تعتبره العامة خاصة ومتى لم يكن خرق العادة عن استقامة أو منبها وباعثا على الرجوع إلى الله ويرجع وليس له فيه تعمل فهو مكر واستدراج من حيث لا يعلم وهذا هو الكيد المتين تحف الله مع المخالفات وفيه سر عجيب للعارفين لولا ما في إذاعته من الضرر في العموم لذكرناه وما كل ما يدرى يقال وليس خرق العوائد إلا أول مرة فإذا عاد ثانية صار عادة وأما في الحقيقة فالأمر جديد أبدا وما ثم ما يعود فما ثم خرق عادة وإنما هو أمر يظهر زي مثله لا عينه فلم يعد فما هو عادة فلو عاد لكان عادة وانحجب الناس عن هذه الحقيقة وقد نبهتك على ما هو الأمر عليه إن كنت تعقل ما أقول فالألوهة أوسع من أن تعيد ولكن الأمثال حجب على أعين العمي الذين يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة وهو وجود عين المثل الثاني هم غافلون فهم في لبس من خلق جديد فالممكنات غير متناهية والقدرة نافذة والحق خلاق فأين التكرار إذ لا يعقل إلا بالإعادة فالإعادة خرق العادة ( انتهى النصف الأول من الجزء الثاني من الفتوحات المكية ويليه النصف الثاني أوله الباب السابع والثمانون ومائة في معرفة مقام المعجزة )
372
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 372