نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 312
استعمله بالنظر السديد على الإنصاف وطلب الحق وهكذا تجليه على القلوب وفي أعيان الممكنات فهو الظاهر وهو الصور بما تعطيه أعيان الممكنات باستعداد إنها فيمن ظهر فيها فالممكنات هو العماء والظاهر فيه هو الحق والعماء هو الحق المخلوق به واختلاف أعيان الممكنات في أنغسها في ثبوتها والحكم لها فيمن ظهر فيها وهكذا أيضا تجلى الحق للنائم في حال نومه ويعرف أنه الحق ولا يشك وكذلك في الكشف ويقول له عابر الرؤيا يا حقا رأيت وهو في الخيال المتصل فما أوسع حضرة الخيال وفيها يظهر وجود المحال بل لا يظهر فيها على التحقيق إلا وجود المحال فإن الواجب الوجود وهو الله تعالى لا يقبل الصور وقد ظهر بالصورة في هذه الحضرة فقد قبل المحال الوجود الوجود في هذه الحضرة وفيها يرى الجسم في مكانين كما رأى آدم نفسه خارجا عن قبضة الحق فلما بسط الحق يده فإذا فيه آدم وذريته الحديث فهو في القبضة وهو عينه خارج عن القبضة فلا تقبل هذه الحضرة إلا وجود المحالات وكذلك الإنسان في بيته نائم ويرى نفسه على صورته المعهودة في مدينة أخرى وعلى حالة أخرى تخالف حاله الذي هو عليها وهو عينه لا غيره لمن عرف أمر الوجود على ما هو عليه ولولا هذه الرائحة ما قدر العقلاء على فرض المحال عند طلب الدلالة على أمر ما لأنه لو لم يقبل المحال الوجود في حضرة ما ما صح أن يفرض ولا يقدر فإذا قلت مثل هذا لمن فرضه ينسى بالخاصية حكم ما فرضه ويقول لا يتصور وجود المحال وهو يفرض وجوده ويحكم عليه بما يحكم على الواقع فلو لم يتصوره ما حكم عليه وإذا تصوره فقد قبل الوجود بنسبة ما فتحقق ما قلناه تجد الحق ومن هذا الباب مشاهدة المقتول في سبيل الله في المعركة وهو في نفس الأمر حي يرزق ويأكل يدركه المؤمن بإيمانه والمكاشف ببصره وكالميت في قبره يشاهده ساكتا وهو متكلم يسأل ويجيب فإن قلت لمن يرى هذا إنه خيل له يقول لك بل أنت خيل لك إنه ساكت وهو متكلم وخيل لك إنه مضطجع وهو قاعد ويعضده في قوله الايمان بالخبر الصحيح الوارد فهو أقوى في الدلالة منك فعينه أتم نظرا من عينك والكامل النظر الذي هو أكمل من الاثنين يقول لكل واحد صدقت هو ساكت متكلم مضطجع قاعد مقتول حي وكل صورة مشهودة فيه من الباب الذي ذكرناه ومن ذلك الصورة في المرآة وكل جسم صقيل إن كان الجسم الصقيل كبيرا كبرت الصورة المرئية فيه ثم إذا نظرت إلى الصورة من خارج وجدتها غير متنوعة فيما ظهر فيها من التنوع بتنوع المرائي حتى في تموج الماء تظهر الصورة متموجة وكل عين أي كل نظرة تقول للأخرى إنها في مقام الخيال وإن الحق بيدها وتصدق كل نظرة منها فتعلم قطعا إن الصورة المرئية في المرائي والأجسام الصقيلة إنما ظهورها في الخيال كرؤية النائم وتشكل الروحاني سواء وإنها ليست في المرآة ولا في الحس فإنها تخالف صورة الحس من حيث تعلقه الخاص به دون المرآة وليس في الوجود في الغيب والشهادة إلا ما ذكرناه وكذلك إدراكات الجنة فاكهتها لا مقطوعة ولا ممنوعة مع وجود الأكل وارتفاع الحجر فيأكلها من غير قطع بمجرد القطف وقربه من الشخص وعدم امتناعها من القطف ووجود الأكل وبقاء العين في غصن الشجرة فتشاهدها غير مقطوعة وتشهدها قطفا في يدك تأكلها وتعلم ولا تشك أن عين ما تأكله هو عين ما تشهده في غصن شجرته غير مقطوع وكذلك سوق الجنة تظهر فيه صور حسان إذا نظر إليها أهل الجنان فكل صورة يشتهيها دخل فيها فيلبسها ويظهر بها في ملكه ولعينه وهو يراها في السوق ما انفصلت ولا فقدت ولو اشتهاها كل من في الجنة دخل فيها وهي على حالها في السوق ما برحت فهذا كله نظير الحقائق كالبياض في كل أبيض بذاته لا أنه انقسم ولا تجزأ بل حقيقة البياضية معقولة ما انتقص منها شئ مع وجودها في كل أبيض وكذلك الحيوانية في كل حيوان والإنسانية في كل إنسان فيعترف بهذا جميع العقلاء وينكرون ما ذكرناه من هذه الأمور في التجلي وغيره فما جاء من ذلك في الكتاب والسنة اعترف به المؤمنون وساعدوا أهل الكشف وأنكره أصحاب النظر وإن قبلوه قبلوه بتأويل بعيد أو بتسليم لمن قاله إذا كان القائل الله أو رسوله فإن ظهر عنك مثله جهلوك وأنكروا ذلك ونسبوك إلى فساد الخيال فهم يعترفون بما أنكروه فإنهم أثبتوا الخيال وفساده ولا يدل فساده على عدمه وإنما هو فساده حيث لم يطابق عنده الصحيح الذي هو صحيح وسواء عندنا قلت فيه صحيح أو فاسد قد ثبت عينه وإن تلك الصورة في الخيال فدعها تكون صحيحة أو فاسدة ما أبالي ولم يكن مقصودنا إلا إثبات وجود الخيال
312
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 312