responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 309


يسبحون الليل والنهار لا يفترون فإن حقيقة نشأتهم تعطي ذلك فهذه هي العبادة الذاتية وهي عبادة سارية في كل ما سوى الله ولما كان الإنسان مجموع حقائق العالم كما قلنا وعرف نفسه من جهة حقائقه تعين عليه أن يقوم وحده من حيث هو بعبادة جميع العالم وإن لم يفعل فما عرف نفسه من جهة حقائقه لأنها عبادة ذاتية وصورة معرفته بذلك أن يشاهد جميع حقائقه كلها في عبادتها كشفا كما هي عليه في نفسها سواء كوشف بذلك أو لم يكاشف فهذا الذي أريده بالعلم بحقائقه أي عن الكشف فإذا شاهدها لم يتمكن له مخالفة أمر سيده فيما أمر به من عبادته بالوقوف عند حدوده ومراسمه فيما دخل فيه وفيما خرج عنه فإذا قال سبحان الله بكله على ما رسمنا انتقش في جوهر نفسه جميع ما قاله العالم كله من حيث تلك التسبيحة وهذه هي النفس الزكية التي تسمى لسان العالم بحيث لو صح أن يتعطل شئ من العالم في عبادة ربه لقام هذا العبد العارف بهذا القدر مقامه فيما فرط فيه وسد مسده لو تصور هذا ويجازى هذا العبد من جانب الحق بهذا القدر وهو مجازاة الأصغر بجائزة الأكبر يقول لو قدرنا العالم كله ما سوى الإنسان غفل عن عبادة الله طرفة عين وكان هذا الإنسان ذاكر الله قائما بحقه في تلك اللحظة ناب مناب العالم وسد مسده فجوزي بجزاء العالم كله وإن كان لا يتصور من العالم غفلة فإنه ليس من أهل الغفلة إلا الثقلان خاصة فانظر ما أعطاك العلم بنفسك وبما أنت عليه من حقائق الكون ( النوع السادس ) من علوم المعرفة وهو علم الخيال وعالمه المتصل والمنفصل وهذا ركن عظيم من أركان المعرفة وهذا هو علم البرزخ وعلم عالم الأجساد التي تظهر فيها الروحانيات وهو علم سوق الجنة وهو علم التجلي الإلهي في القيامة في صور التبدل وهو علم ظهور المعاني التي لا تقوم بنفسها مجسدة مثل الموت في صورة كبش وهو علم ما يراه الناس في النوم وعلم الموطن الذي يكون فيه الخلق بعد الموت وقبل البعث وهو علم الصور وفيه تظهر الصور المرئيات في الأجسام الصقيلة كالمرآة وليس بعد العلم بالأسماء الإلهية ولا التجلي وعمومه أتم من هذا الركن فإنه واسطة العقد إليه تعرج الحواس وإليه تنزل المعاني وهو لا يبرح من موطنه تجبى إليه ثمرات كل شئ وهو صاحب الإكسير الذي تحمله على المعنى فيجسده في أي صورة شاء لا يتوقف له النفوذ في التصرف والحكم تعضده الشرائع وتثبته الطبائع فهو المشهود له بالتصرف التام وله التحام المعاني بالأجسام يحير الأدلة والعقول فلنبينه إن شاء الله في هذا الفصل بأوجز ما يمكن وأبلغ والله الموفق لا رب غيره اعلموا يا إخواننا أنه ما من معلوم كان ما كان إلا وله نسبة إلى الوجود بأي نوع كان من أنواع الوجود فإنه على أربعة أقسام فمنها معلوم يجمع مراتب الوجود كلها ومنها معلوم يتصف ببعض مراتب الوجود ولا يتصف ببعضها وهذه المراتب الأربعة التي للوجود منها الوجود العيني وهو الموجود في نفسه على أي حقيقة كان من الاتصاف بالدخول والخروج أو بنفيهما فيكون مع كونه موجودا في عينه لا داخل العالم ولا خارج لعدم شرط الدخول والخروج وهو التحيز وليس ذلك إلا لله خاصة وأما ما هو من العالم قائم بنفسه غير متحيز كالنفوس الناطقة والعقل الأول والنفس والأرواح المهيمة والطبيعة والهباء وأعني بهذه كلها أرواحها فكل ذلك داخل في العالم إلا أنه لا داخل أجسام العالم ولا خارج عنها فإنها غير متحيزات ( والمرتبة الثانية ) الوجود الذهني وهو كون المعلوم متصورا في النفس على ما هو عليه في حقيقته فإن لم يكن التصور مطابقا للحقيقة فليس ذلك بوجود له في الذهن ( والمرتبة الثالثة ) الكلام وللمعلومات وجود في الألفاظ وهو الوجود اللفظي ويدخل في هذا الوجود كل معلوم حتى المحال والعدم فإن له الوجود اللفظي فإنه يوجد في اللفظ ولا يقبل الوجود العيني أبدا أعني المحال وأما العدم فإن كان العدم الذي يوصف به الممكن فيقبل الوجود العيني وإن كان العدم الذي هو المحال فلا يقبل الوجود العيني ( والمرتبة الرابعة ) الوجود الكتابي وهو الوجود الرقمي وهو نسبته إلى الوجود في الخط أو الرقم أو الكتابة ونسبة المعلومات كلها من المحال وغير المحال نسبة واحدة فهذا المحال وإن كان لا يوجد له عين فله نسبة وجود في اللفظ والخط فما ثم معلوم لا يتصف بالوجود بوجه وسبب ذلك قوة الوجود الذي هو أصل الأصول وهو الله تعالى إذ به ظهرت هذه المراتب وتعينت هذه الحقائق وبوجوده عرف من يقبل مراتب الوجود كلها ممن لا يقبلها فالأسماء متكلما بها كانت أو مرقومة ينسحب وجودها على كل معلوم فيتصف ذلك المعلوم

309

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 309
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست