نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 307
قبلوا نعت التشبيه ولم يعقلوا نعوت التنزيه من ليس كمثله شئ والفرقة الناجية من هؤلاء الفرق المصيبة للحق هي التي آمنت بما جاء من عند الله على مراد الله وعلمه في ذلك مع نفي التشبيه بليس كمثله شئ فهذه يا ولي ألسنة الشرائع في العالم فجاء بالصورة في حق الحق والعين واليد والرجل والسمع والبصر والرضي والغضب والتردد والتبشبش والتعجب والفرح والضحك والملل والمكر والخداع والاستهزاء والسخرية والسعي والهرولة والنزول والاستواء والتحديد في القرب والصبر على الأذى وما جرى هذا المجرى مما هو نعت المخلوقين ذلك لنؤمن عامة ولنعلم أن التجلي الإلهي في أعيان الممكنات أعطى هذه النعوت فلا شاهد ولا مشهود إلا الله فالسنة الشرائع دلائل التجليات والتجليات دلائل الأسماء الإلهية فارتبطت أبواب المعرفة بعضها ببعض فكل لفظ جاءت به الشريعة فهو على ما جاءت به لكن عالمنا يعرف بأي لسان تكلم الشرع ولمن خاطب وبمن خاطب وبما خاطب ولمن ترجع الأفعال وإلى من تنسب الأقوال ومن المتقلب في الأحوال ومن قال سنفرغ لكم أيها الثقلان فبأي آلاء ربكما تكذبان لنقول ولا بشئ من آلائك ربنا نكذب هذا أراد أن يسمع منا وقد قلناه والحمد لله ( النوع الرابع ) من علوم المعرفة وهو العلم بالكمال والنقص في الوجود اعلم أنه من كمال الوجود وجود النقص فيه إذ لو لم يكن لكان كمال الوجود ناقصا بعدم النقص فيه قال تعالى في كمال كل ما سوى الله أعطى كل شئ خلقه فما نقصه شيئا أصلا حتى النقص أعطاه خلقه فهذا كمال العالم الذي هو كل ما سوى الله إلا الله ثم الإنسان فلله كمال يليق به وللإنسان كمال يقبله ومن نقص من الأناسي عن هذا الكمال فذلك النقص الذي في العالم لأن الإنسان من جملة العالم وما كل إنسان قبل الكمال وما عداه فكامل في مرتبته لا ينقصه شئ بنص القرآن قال ص في الإنسان كمل من الرجال كثيرون ومن النساء مريم وآسية وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام فما ظهر في العالم نقص إلا في هذا الإنسان وذلك لأنه مجموع حقائق العالم وهو المختصر الوجيز والعالم هو المطول البسيط فأما كمال الألوهية فظاهر بالشرائع وأما بأدلة العقول فلا فعين ما يراه العقل كما لا هو النقص عند الله لو كان كما يقتضيه دليل العقل فجاء العقل بنصف معرفة الله وهو التنزيه وسلب أحكام كثيرة عنه تعالى وجاء الشارع يخبر عن الله بثبوت ما سلب عنه العقل بدلالته وتقرير ما سلبه عنه فجاء بالأمرين للكمال الذي يليق به تعالى فحير العقول فهذا هو الكمال الإلهي فلو لم يعط الحيرة لما ذكره لكان تحت حكم ما خلق فإن القوي الحسية والخيالية تطلبه بذواتها لترى موجدها والعقول تطلبه بذواتها وأدلتها من نفي وإثبات ووجوب وجواز وإحالة لتعلم موجدها فخاطب الحواس والخيال بتجريده الذي دلت عليه أدلة العقول والحواس تسمع فحارت الحواس والخيال وقالوا ما بأيدينا منه شئ وخاطب العقول بتشبيهه الذي دلت عليه الحواس والخيال والعقول تسمع فحارت العقول وقالت ما بأيدينا منه شئ فعلا عن إدراك العقول والحواس والخيال وانفرد سبحانه بالحيرة في الكمال فلم يعلمه سواه ولا شاهده غيره فلم يحيطوا به علما ولا رأوا له عينا فآثار تشهد وجناب يقصد ورتبة تحمد وإله منزه ومشبه يعبد هذا هو الكمال الإلهي وبقي الإنسان متوسط الحال بين كمال الحيرة والحد وهو كمال العالم فبالإنسان كمل العالم وما كمل الإنسان بالعالم فلما انحصرت في الإنسان حقائق العالم بما هو إنسان لم يتميز عن العالم إلا بصغر الحجم خاصة وبقيت له رتبة كماله فجميع الموجودات قبلت كمالها والحق كامل والإنسان انقسم قسمين قسم لم يقبل الكمال فهو من جملة العالم غير أنه مجموع العالم جمعية المختصر من الكبير وقسم قبل الكمال فظهرت فيه لاستعداده الحضرة الإلهية بكمالها وجميع أسمائها فأقام هذا القسم خليفة وكساه حلة الحيرة فيه فنظرت الملائكة إلى نشأة جسده فقالت فيه ما قالت لتنافر حقائقه التي ركب الله فيها جسده فلما أعلمها الحق بما خلقه عليه وأعطاه إياه حارت فيه فقالت لا علم لنا والحائر لا علم له فأعطاه علم الأسماء الإلهية التي لم تسبحه الملائكة بها ولا قدسته كما قال ع إنه يحمد الله غدا في القيامة عند سؤاله في الشفاعة بمحامد لا يعلمها الآن يقتضيها الموطن فإن محامد الله تعالى بحسب ما تطلبها المواطن والنشآت فأعطت نشأة آدم ومن أشبهه من أولاده الأهلية للخلافة في العالم وما كان ذلك لغيرهم فكان كمال
307
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 307