نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 305
قال الحمد لله على كل حال فأثنى عليه على كل حال لأنه المعطي بتجليه كل حال وأوضح من هذا في التبليغ ما يكون مع إقامة الحدود وإنكار ما ينبغي أن ينكر فإن المنكر بالتغيير أنكر يسأله من في السماوات ومن في الأرض كل يوم هو في شأن أحوال إلهية في أعيان كيانية بأسماء نسبية عينتها تغييرات كونية فتجلى أحدي العين في أعيان مختلفة الكون فرأت صورها فيه فشهد العالم بعضه بعضا في تلك العين فمنه المناسب وهو الموافق ومنه غير المناسب وهو المخالف فظهرت الموافقة والخلاف في أعيان العالم دنيا وآخرة لأنه لا تزال أعيان العالم تبصر بعضها بعضا في تلك العين المنجلية فتنعكس أنوارها عليها بما تكتسبه من تلك العين فيحدث في العالم ما يحدث دنيا وآخرة عن أثر حقيقة تلك العين لما تعلقت بها أبصار العالم كالمرآة تقابل الشمس فينعكس ضوءها على القطن المقابل لانعكاس النور فيحدث فيه الحرق هذا عين ما يظهر في العالم من تأثير بعضه في بعض من شهود تلك العين فالمؤثر روحاني والذي تأثر طبيعي وما من شئ تكون له صورة طبيعية في العالم إلا ولها روح قدسي وتلك العين لا تنحجب أبدا فالعالم في حال شهود أبدا والتغيير كائن أبدا لكن الملايم وغير الملائم وهو المعبر عنه بالنفع والضرر فهذا علم التجلي من أحد أقسام المعرفة إن لم يحصل للإنسان مع بقية إخوانه فليس بعارف ولا حصل له مقام المعرفة النوع الثالث من المعرفة وهو العلم بخطاب الحق عباده بالسنة الشرائع اعلم وفقك الله أن ما عدا الثقلين من كل ما سوى الله على معرفة بالله ووحي من الله وعلم بمن تجلى له مفطور على ذلك سعيد كله ولهذا قال تعالى ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض فعم ثم فصل ليبين للناس ما نزل إليهم فقال والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وهو قوله إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم يقول وما هم قليل يعني أنهم كثير فهو قوله وكثير من الناس ثم قال وكثير حق عليه العذاب وسبب ذلك إن وكله من حيث نفسه الناطقة الموجودة بين الطبيعة والنور بما جعل الله فيها من الفكر ليكتسب به المعرفة بالله تعالى اختيارا من الله وأعطاها العقل كما أعطى سائر الموجودات وأعطاه صفة القبول وعشقه بالقوة المفكرة لاستنباط العلوم من ذاته لتظهر فيه قوة إلهية فإنه يحب الرياسة والظهور والشفوف على أبناء جنسه لاشتراكهم في ذلك ثم لما أعطاهم القوة المفكرة نصب لهم علامات ودلائل تدل على الحدوث لقيامها بأعيانهم ونصب لهم دلائل وعلامات تدل على القدم الذي هو عبارة عن نفي الأولية عن وجوده وتلك الدلائل بأعيانها هي التي نصبها للدلالة على الحدوث فسلبها عن الذات القديمة المسماة الله هو الدليل ليس غير ذلك فللأدلة وجهان وهي عين واحدة يدل ثبوتها على حدوث العالم وسلبها على موجد العالم فلما نظر بهذا النظر وقال عرفت الله بما نصبه من الأدلة على معرفتنا بنا وبه وهي الآيات المنصوبة في الآفاق وفي أنفسنا حتى يتبين لنا أنه الحق وقد تبين وهو الذي عبرنا عنه بالتجلي فإن التجلي إنما هو موضوع للرؤية وذلك قوله سنريهم آياتنا فذكر الرؤية والآيات للتجلي فيتبين لهم أنه الحق يعني ذلك التجلي الذي رأوه علامة أنه علامة على نفسه فيتبين لهم أنه الحق المطلوب ولهذا تمم فقال في الآية عينها أو لم يكف بربك يعني أن يكون دليلا على نفسه وأوضح الدلالات دلالة الشئ على نفسه بظهوره فلما حصلت لعقولهم هذه المعرفة بالتنزيه عما نسبوه إلى ذوات العالم وهو دليل واحد العين متردد في الدلالة بين سلب لمعرفة الله وبين إثبات لمعرفة العالم أقام الحق لهذا الجنس الإنساني شخصا ذكر أنه جاء إليهم من عند الله برسالة يخبرهم بها فنظروا بالقوة المفكرة فرأوا إن الأمر جائز ممكن فلم يقدموا على تكذيبه ولا رأوا علامة تدل على صدقه فوقفوا وسألوه هل جئت إلينا بعلامة من عنده حتى نعلم أنك صادق في رسالتك فإنه لا فرق بيننا وبينك وما رأينا لك أمرا تميزت به عنا وباب الدعوى مفتوح ومن الدعوى ما يصدق ومنها ما لا يصدق فجاء بالمعجزة فنظروا فيها نظر إنصاف وهي بين أمرين الواحد أن تكون مقدورة لهم فيدعي الصرف عنها مطلقا فلا تظهر إلا على يدي من هو رسول إلى يوم القيامة هذا إذا كانت معجزة لا آية فقط فإن المعجزات نصبت للخصم الألد الفاقد نور الايمان والأمر الآخر أن تكون المعجزة خارجة عن مقدور البشر بالحس والهمة معا فإذا أتى بأحد هذين الأمرين وتحققه الناظر دليلا آمن برسالته وصدقه في مقالته وإخباره عن ربه إذا كانت الدلالة على المجموع بحسب ما وقعت به الدعوى ولا يمكن في ذوق طريقنا تصديقه مع
305
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 305