نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 267
وقال وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى فالصوفي من قام في نفسه وفي خلقه قيام الحق في كتابه وفي كتبه فما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك فقد رميت بك على الطريق وليس التصوف بشئ زائد عند القوم سوى ما ذكرته لك وبينته ولكن الله أنزل الميزان والعلم بالمواطن وبالأحوال فلا تخرج شيئا عن مقتضى ما تطلبه الحكمة وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين فالتخلق به والوقوف عنده يزيل المرض النفسي لا بد من ذلك ولكن للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا لأنهم يعدلون به عن موطنه ويحرفون الكلم عن مواضعه فيعممون الخاص ويخصصون العام فسموا ظالمين قاسطين والحكماء هم المقسطون ومن أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما وصفه الله بالكثرة فإن القلة لا تدخله وسبب وصفه بالكثرة لأن الحكمة سارية في الموجودات لأن الموجودات وضع الله ثم خلق الإنسان وحمله الأمانة بأن جعل له النظر في الموجودات والتصرف فيها بالأمانة ليؤدي إلى كل ذي حق حقه كما إن الله أعطى كل شئ خلقه فجعل الإنسان خليفة في الأرض دون غيره من المخلوقين فهو أمين على خلق الله فلا يعدل بهم عن سنة الله فالموجودات بيد الإنسان أمانة عرضت عليه فحملها فإن أداها فهو الصوفي وإن لم يؤدها فهو الظلوم الجهول والحكمة تناقض الجهل والظلم فالتخلق بأخلاق الله هو التصوف وقد بين العلماء التخلق بأسماء الله الحسنى وبينوا مواضعها وكيف تنسب إلى الخلق ولا تحصى كثرة وأحسن ما تصرف فيه مع الله خاصة فمن تفطن وصرفها مع الله أحاط علما بتصريفها مع الموجودات فذلك المعصوم الذي لا يخطئ أبدا والمحفوظ من أن يتحرك أو يسكن سدى جعلنا الله من الصوفية القائمين بحقوق الله والمؤثرين جناب الله ( الباب الخامس والستون ومائة في معرفة مقام التحقيق والمحققين ) الحق في حق الطبيعة * كالآل تبصره بقيعة فتظنه ماء فتاب * لعين مائك أن تضيعه انظر وحقق ما رأيت * فربما كانت خديعة صور التجلي هكذا * الحق فيها كالوديعة وأتت بها نكرا وإقرارا * نصوص في الشريعة لا تلتفت للقاع وانظر * في منازلك الرفيعة تجد المعمى ينجلي * من خلف أستار بديعة في غير شكل لا ولا * صور تؤلفها الطبيعة فإذا رأيت الحق فارجع * والتزم سد الذريعة وأنطق بما نطق الحديث * به من ألفاظ شنيعة وإذا عزيزة نازعتك * فقل لها كوني مطيعه كوني الكتومة لا تكوني * بين صحبك بالمذيعة وإذا دعيت بمثل ذا * كوني المجيبة والسميعة جمل صنيعك في القبول * فقد تجازى بالصنيعة اعلم أيدك الله أن التحقيق هو المقام الذي لا يقبل الشبه القادحة فيه وصاحب هذا النعت هو المحقق فالتحقيق معرفة ما يجب لكل شئ من الحق الذي تطلبه ذاته فيوفيه ذلك علما فإن اتفق أن يعامله به حالا فهو الذي ظهر عليه سلطان التحقيق وإن لم يظهر عليه فهو عالم بأنه أخطأ ولا يقدح ذلك الخطاء في تحقيقه لأنه بصير بنفسه وبما أخطأ فيه لأنه أخطأ عن تعمل وهنا سر إلهي وهو أن الله هو الحكيم المطلق وهو الواضع للأمور في مواضعها وهو الذي أعطى كل شئ خلقه فليس في الكون خطأ بنسبة الترتيب لله وقد علم رب هذا التحقيق والمحقق به إن الأمر هكذا هو وقد علم أنه أخطأ ولكن بالنسبة إلى ما أمر به لا بالنسبة إلى ما هو الأمر عليه من حيث إن الله هو الواضع له في ذلك المحل المسمى هذا
267
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 267