responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 264


وكل طلب فيؤذن بمناسبة فإن الحاصل لا يبتغى فلا يكون الطلب إلا في شئ ليس عند الطالب في حال الطلب ولهذا لا يتعلق إلا بالعدم الذي هو عين المعدوم وقد يكون ذلك المطلوب في عين موجودة ولا عين موجودة ما في الكون إلا طالب فما في الكون إلا فقير لما طلب ويتميز الفقر عن سائر الصفات بأمر لا يكون لغيره وهو أنه صفة للمعدوم والموجود وكل صفة وجودية من شرطها أن تقوم بالموجود ألا ترى الممكن في حال عدمه يفتقر إلى المرجح فإذا وجد افتقر أيضا إلى استمرار الوجود له وحفظه عليه فلا يزال فقيرا ذا فقر في حال وجوده وفي حال عدمه فهو أعم المقامات حكما فالذي يكتسب من هذه الصفة إضافة خاصة وهي الفقر إلى الله لا إلى غيره وبه يثنى عليه وهو الذي يسعده ويقربه إلى الله ويشركه في هذه الإضافة كل وصف جبل عليه الإنسان مثل البخل والحرص والشرة والحسد وغير ذلك تشرف وتعلو بالإضافة والمصرف وتتضع وتسفل بالإضافة والمصرف لا فقر أعظم من فقر الملوك لأنه مفتقر إلى مشاغلي وإلى كل ما يصح له به الملك وهو فقير إلى ملكه الذي يبقى عليه اسم الملك قيل للسلطان صلاح الدين يوسف ابن أيوب رحمه الله سنة إحدى وثمانين وخمسمائة لما ذكر أبو القمح المنجم أن ريحا عظيمة في هذه السنة تكون لا تمر على شئ إلا جعلته كالرميم فأشار عليه بعض جلسائه أن يتخذ في الأرض سربا يكون فيه ليلة هبوب تلك الريح فقال ويهلك الناس قيل له نعم فقال إذا هلك الناس فعلى من أكون ملكا أو سلطانا لا خير في الحياة بعد ذهاب الملك دعني أموت ملكا والله لا فعلت فانظر ما أحسن هذا فكل موجود إضافي متحقق بالفقر وإن لم يشعر بذلك وإن وجده فلا يعلم أن ذلك هو المسمى فقرا وإذا كان حكمه هذا فالفقر إلى الله تعالى الذي بيده ملكوت كل شئ ثابت وموجود ولذلك الإشارة بقوله تعالى سنكتب ما قالوا أي سنوجبه أي سيعلمون أن الفقر نعت واجب لا يشكون فيه وجوبا ذاتيا من أجل قولهم ونحن أغنياء لأنهم انحجبوا عما هو الأمر عليه من فقرهم ولذلك كانوا كافرين فستروا ما هم به عالمون ذوقا من أنفسهم لا يقدرون على إنكاره وإن باهتوا فالحال يكذبهم فقالوا نحن أغنياء وليسوا بأغنياء وقالوا إن الله فقير وليس بفقير من حيث ذاته فإنه غني عن العالمين وقد تقدم في مواضع من هذا الكتاب معنى قوله إنه غني عن العالمين وإنه ليس مثل قوله والله هو الغني ولا مثل قوله والله الغني وأنتم الفقراء فإذا علمت إن الفقر بهذه المثابة فالزم استحضاره في كل نفس وعلى كل حال وعلق فقرك بالله مطلقا من غير تعيين فهو أولى بك وإن لم تقدر على تحصيل عدم التعيين فلا أقل إن تعلقه بالله تعالى مع التعيين أوحى الله تعالى إلى موسى يا موسى لا تجعل غيري موضع حاجتك وسلني حتى الملح تلقيه في عجينك هذا تعليم الله نبيه موسى ع ولقد رأيته سبحانه وتعالى في النوم فقال لي وكلني في أمورك فوكلته فما رأيت إلا عصمة محضة لله الحمد على ذلك جعلنا الله تعالى من الفقراء إليه به فإن الفقر إليه تعالى به هو عين الغني لأنه الغني وأنت به فقير فأنت الغني به عن العالمين فاعلم ذلك ( الباب الثالث والستون ومائة في معرفة مقام الغني وأسراره ) إن الغني صفة سلبية ولذا * تمتاز عن نسب الأسماء رتبتها يخصه حكمها والعين في عدم * منها وليس لها كون فينعتها إن الدلالة في التحقيق مجهلة * ممن يقول بها والعقل يثبتها لذاك قال غني في تنزله * عن عالم الكون جاءت فيه آيتها في العنكبوت فدبره تجده على * ما قلت من نفي ما تعطي دلالتها وليس يعرف إلا من علامته * دنيا وآخرة والشرع مثبتها اعلم أيدك الله أن الغني صفة ذاتية للحق تعالى فإن الله هو الغني الحميد أي المثنى عليه بهذه الصفة وأما الغني للعبد فهو غنى النفس بالله عن العالمين قال رسول الله ص ليس الغني عن كثرة العرض لكن الغني غنى النفس خرجه الترمذي والعرض المال وهذه كلمة نبوية صحيحة فإن غنى الإنسان عن العالم لا يصح ويصح غناه عن

264

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 264
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست