نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 257
فكل رسول لا بد أن يكون وليا فالرسالة خصوص مقام في الولاية والرسالة في الملائكة دنيا وآخرة لأنهم سفراء الحق لبعضهم وصنفهم ولمن سواهم من البشر في الدنيا والآخرة والرسالة في البشر لا تكون إلا في الدنيا وينقطع حكمها في الآخرة وكذلك تنقطع في الآخرة بعد دخول الجنة والنار نبوة التشريع لا النبوة العامة وأصل الرسالة في الأسماء الإلهية وحقيقة الرسالة إبلاغ كلام من متكلم إلى سامع فهي حال لا مقام ولا بقاء لها بعد انقضاء التبليغ وهي تتجدد وهو قوله ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث فالإتيان به هو الرسالة وحدوث الذكر عند السامع المرسل إليه هو الكلام المرسل به وقد يسمى الكلام المرسل به رسالة وهو علم يوصله إلى المرسل إليه ولهذا ظهر علم الرسالة في صورة اللبن والرسل هو اللبن لكن للرسالة مقام عند الله منه يبعث الله الرسل فلهذا جعلنا للرسالة مقاما وهو عند الكرسي ذلك هو مقام الرسالة ونبوة التشريع وما فوق ذلك فنبوة لا رسالة فالرسل لا يفضل بعضهم بعضا من حيث ما هم رسل وإنما فضل الله بعض الرسل على بعض وبعض النبيين على بعض وما من جماعة يشتركون في مقام إلا وهم على السواء فيما اشتركوا فيه ويفضل بعضهم بعضا بأحوال أخر ما هي عين ما وقع فيه الاشتراك وقد يكون ما يقع به المفاضلة يؤدي إلى التساوي وهو مذهب أبي القاسم بن قسي من الطائفة ومن قال بقوله فيكون كل واحد من الرسل فاضلا من وجه مفضولا من وجه فيفضل الواحد منهم بأمر لا يكون عند غيره ويفضل ذلك المفضول بأمر ليس عند الفاضل فيكون المفضول من ذلك الوجه الذي خص به يفضل على من فضله وعندنا قد لا يكون التساوي ويجمع لواحد جميع ما عند الجماعة فيفضل الجماعة بجمع ما فضل به بعضهم على بعض لا بأمر زائد فهو أفضل من كل واحد واحد ولا يفاضل فيكون سيد الجماعة بهذا المجموع فلا ينفرد في فضله بأمر ليس عند آحاد الجنس هكذا هو في نفس الأمر في كل جنس فلا بد من إمام في كل نوع من رسول ونبي وولي ومؤمن وإنسان وحيوان ونبات ومعدن وملك وقد نبهنا على ذلك قبل هذا في الاختيارات فمقام الرسالة الكرسي لأنه من الكرسي تنقسم الكلمة الإلهية إلى خبر وحكم فللأولياء والأنبياء الخبر خاصة ولأنبياء الشرائع والرسل الخبر والحكم ثم ينقسم الحكم إلى أمر ونهي ثم ينقسم الأمر إلى قسمين إلى مخير فيه وهو المباح وإلى مرغب فيه ثم ينقسم المرغب فيه إلى قسمين إلى ما يذم تاركه شرعا وهو الواجب والفرض وإلى ما يحمد بفعله وهو المندوب ولا يذم بتركه والنهي ينقسم قسمين نهي عن أمر يتعلق الذم بفاعله وهو المحظور ونهي يتعلق الحمد بتركه ولا يذم بفعله وهو المكروه وأما الخبر فينقسم قسمين قسم يتعلق بما هو الحق عليه وقسم يتعلق بما هو العالم عليه والذي يتعلق بما هو الحق عليه ينقسم قسمين قسم يعلم وقسم لا يعلم فالذي لا يعلم ذاته والذي يعلم ينقسم قسمين قسم يطلب نفي المماثلة وعدم المناسبة وهو صفات التنزيه والسلب مثل ليس كمثله شئ والقدوس وشبه ذلك وقسم يطلب المماثلة وهو صفات الأفعال وكل اسم إلهي يطلب العالم وهذه الأقسام كلها مجموع الرسالة وبه أتت الرسل والرسالة إذا ثبتت وثبت أنها اختصاص إلهي غير مكتسبة يثبت بها كون الحق متكلما أي موصوفا بالكلام فإنه مبلغ ما قيل له قل ولو كان مبلغا ما عنده أو ما يجده من العلم في نفسه لم يكن رسولا ولكان معلما فكل رسول معلم وما كل معلم رسول وما سميت رسالة إلا من أجل هذه الأقسام التي تحتوي عليه ولولا هذه الأقسام لم تكن رسالة لأن الأمر الواحد من غير معقولية سواه لا تقع الفائدة بتبليغه عند المرسل إليه لأنه لا يعقله ولهذا لا يعقل الذات الإلهية لأنها لا سوى لها ولا غير وتعقل الألوهية والربوبية لأن سواها المألوه والمربوب فتنبه لما أشرنا إليه تعثر على العلم المخزون والمرسلات عرفا تنبيه على التتابع والكثرة والتاليات يتلو بعضها بعضا فالرسالة يتلو بعضها بعضا ولهذا انقسمت والله الهادي ( الباب التاسع والخمسون ومائة في مقام الرسالة البشرية ) إن الرسول لسان الحق للبشر * بالأمر والنهي والإعلام والعبر هم أذكياء ولكن لا يصرفهم * ذاك الذكاء لما فيه من الغرر ألا تراهم لتابير النخيل وما * قد كان فيه على ما جاء من ضرر هم سالمون من الأفكار إن شرعوا * حكما بحل وتحريم على البشر
257
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 257