نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 249
الوجود فلما ذاقته وعلمته دعاها العدم إلى نفسه وقال لها إلى مردك لأنك عرض ولا بقاء لك في الوجود إذ العارض حقيقته أنه لا بقاء له فارجع إلى عن أمري فلذلك دل دليل العقل أن العرض ينعدم لنفسه إذ الفاعل لا يفعل العدم لأنه حكم لا شئ موجود فانعدمت الأعراض في الزمان الثاني من زمان وجودها فحصلت في قبضة العدم المحال فلم ترجع بعد ذلك إلى الوجود بل يوجد الله أمثالها فتشبهها في الحد والحقيقة وما هي أعيان تلك التي وجدت وانعدمت للاتساع الإلهي فهذه ولاية ما سوى الله أي نصر ما سوى الله لله وهذا من أسرار الولاية البشرية ومدركها عسير فإن مبناه على العلم بمراتب المعلومات فإذا فهمت هذا فاعلم إن الولاية البشرية على قسمين خاصة وعامة فالعامة توليهم بعضهم بعضا بما في قوتهم من إعطاء المصالح المعلومة في الكون فهم مسخرون بعضهم لبعض الأعلى للأدنى والأدنى للأعلى وهذا لا ينكره عاقل فإنه الواقع فإن أعلى المراتب الملك فالملك مسخر في مصالح الرعايا والسوقة والرعايا والسوقة مسخرون للملك فتسخير الملك الرعايا ليس عن أمر الرعايا ولكن لما تقتضيه المصلحة لنفسه وتنتفع الرعايا بحكم التبع لا أنهم المقصودون بذلك الانتفاع الذي يعود عليهم من التسخير وتسخير الرعايا على الوجهين الوجه الواحد يشاركون فيه الملك من أنهم لا يبعثهم على التسخير إلا طلب المنفعة العائدة عليهم من ذلك كما يفعله الملك سواء والتسخير الثاني ما هم عليه من قبول أمر الملك في العسر واليسر والمنشط والمكره وبهذا ينفصلون عن تسخير الملوك فهم أذلاء أبدا لا يرتفع لهم رأس مع حاجة الملوك إليهم وهذا هو القسم العام وأما القسم الخاص فهو ما لهم من الولاية التي هي النصرة في قبول بعض أحكام الأسماء الإلهية على غيرها من الأسماء الأخر بمجرد أفعالهم وما يظهر في أكوانهم لكونهم قابلين لآثار الأسماء فيهم فينزلون بهذه الولاية منازل الحقائق الإلهية فيكون الحكم لهم مثل ما هو الحكم للأسماء بما هم عليه من الاستعداد وهذه الولاية في أصحاب الأحوال أظهر في العامة من ظهورها في أصحاب المقامات وهي في أصحاب المقامات في الخصوص أظهر من ظهورها في أصحاب الأحوال ولكن مدركها عسير فإن صاحب المقام على العادة المستمرة وهو متغير في كل زمان مع كل نفس لأنه في كل نفس في شأن إلهي لا علم لكل أحد به مع قيامه به من حيث لا يشعر فلا يحمد عليه وهذا الخاص يحمد عليه وصاحب الحال خارق للعادة فتحيد إليه الأبصار وتقبل عليه النفوس وهو ثابت مدة طويلة على حالة واحدة لا يشعر لتغيرها عليه ويحجبه عن معرفة ذلك حبه لسلطنته التي أعطاها الحال فهو على النقيض من صاحب المقام ولو استشعر بنقصه في مرتبته لما رغب في الحال فإنه يدل على جهله ولصاحب هذا المقام أحوال مختلفة منها حال الأمانة وحال الدنو وحال القرب وحال الكشف وحال الجمع وحال اللطف وحال القوة وحال الحماسة وحال اللين وحال الطيب وحال النظافة وحال الأدب فإذا تجلى في السلطنة ارتاض وقيل فيه سلطان وإذا تجلى في الجلال تأدب فهو أديب وفي تجلى الجمال نظيف وفي تجلى العظمة طاهر زكى قدوس وإذا تجلى في الطيب عطر عرفه وفي الهيبة جعله سيدا وفي اللطف ذوبه وفي الحسن عشقه فروحنه فللأولياء التفريع والإقبال ولهم الستور والحجاب إذا قربهم صانهم وسترهم وخبأهم فجهلوا وإذا عاقبهم وليسوا بأنبياء أظهر عليهم خرق العوائد فعرفوا فحجبوا الخلق عن الله وهم مأمورون بدعوتهم إلى الله فالحق لأصحاب المقامات من الأولياء مطيع ولكلامهم سميع لهم جميع المقامات والأحوال وهم ذكران الرجال لا يلحقهم عيب ولا يقوم بهم فيما هم فيه ريب لهم الآخرة مخلصة كما هي لله ولهم الدنيا ممتزجة كما هي لسيدهم فهم بصفات الحق ظاهرون ولذلك جهلوا ( الباب الرابع والخمسون ومائة في معرفة مقام الولاية الملكية ) إن الولاية توقيف على الخبر * من المهيمن في الأملاك والبشر وفي ملائكة التسخير أظهرها * رب العباد من أهل النفع والضرر أما ملائكة التهيام ليس لهم * فيها نصيب على ما جاء في الخبر مهيمون سكارى من محبته * لا يعلمون بعين لا ولا أثر الله أكرمهم الله قربهم * الله خصهم بالمشهد الخطر
249
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 249