responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 247


فلذلك هو عام التعلق ولما كان هذا النعت للإله كان عام التعلق وهكذا كل نعت إلهي لا بد أن يكون عام التعلق وإن لم يكن كذلك فليس بنعت إلهي لكن بعض النعوت مثل نعت الولاية لا ينسبه الله لنفسه إلا بتعلق خاص للمؤمنين خاصة والصالحين من عباده وهو ذو النصر العام في كل منصور ولما كان نعتا إلهيا هذا النصر المعبر عنه بالولاية وتسمى سبحانه به وهو اسمه الولي وأكثر ما يأتي مقيدا كقوله الله ولي الذين آمنوا سرى في كل ما ينسب إليه إلهية مما ليس بإله ولكن لما تقرر في نفس المشرك أن هذا الحجر أو هذا الكوكب أو ما كان من المخلوقات أنه إله وهو مقام محترم لذاته تعين على المشرك احترام ذلك المنسوب إليه لكون المشرك يعتقد أن تلك النسبة إليه صحيحة ولها وجه ولما علم الله سبحانه أن المشرك ما احترم ذلك المخلوق إلا لكونه إلها في زعمه نظر الحق إليه لأنه مطلوبه فإذا وفي بما يجب لتلك النسبة من الحق والحرمة وكان أشد احتراما لها من الموحد وتراءى الجمعان كانت الغلبة للمشرك على الموحد إذ كان معه النصر الإلهي لقيامه بما يجب عليه من الاحترام لله وإن أخطأ في النسبة وقامت الغفلة والتفريط في حق الموحد فخذل ولم تتعلق به الولاية لأنه غير مشاهد لأيمانه وإنما قاتل ليقال فما قاتل لله فإن الله يقول وكان حقا علينا نصر المؤمنين فأي شخص صدق في احترام الألوهية واستحضرها وإن أخطأ في نسبتها ولكن هي مشهوده كان النصر الإلهي معه غيرة إلهية على المقام الإلهي فإنه العزيز الذي لا يغلب فما جعل نصره واجبا عليه للموحد وإنما جعل للمؤمن بما ينبغي للألوهية من الحرمة ووفى بها من وفى وهذا من أسرار الولاية التي لا يشعر بها كل عالم فإن هذا لسان خصوص وأما لسان العموم في هذه الآية وهو نصر المؤمنين فنقول إن الموحد إذا أخلص في إيمانه وثبت نصر على قرنه بلا شك فإذا طرأ عليه خلل ولم يكن مصمت الايمان وتزلزل خذله الحق وما وجد في نفسه قوة يقف بها لعدوه من أجل ذلك الخلل فانهزم فلما رآه عدوه منهزما تبعه وظهرت الغلبة للعدو على المؤمن فما نصر الله العدو وإنما خذل المؤمن لذلك الخلل الذي داخله فلما خذله لم يجد مؤيدا فانهزم فبالضرورة يتبعه عدوه فما هو نصر للعدو وإنما هو خذلان للمؤمن لما ذكرناه هذا لسان العموم في هذه المسألة فالولاية من الله عامة في مخلوقاته من حيث ما هم عبيده وبهذه الولاية تولاهم في الإيجاد ولما كان متعلق الولاية المؤمنين لذلك أشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلي ولم يقل لهم ألست بواحد لعلمه بأنه إذا أوجدهم أشرك بعضهم ووحد بعضهم واجتمعوا في الإقرار بالربوبية له وزاد المشرك الشريك ثم إنه سبحانه من عموم ولايته أن تولاهم بالوجود في أعيانهم ويحفظ الوجود عليهم وبتمشية أغراضهم وتولاهم بما رزقهم مما فيه قوام عيشهم ومصالحهم عموما ووفق من وفق منهم بولايته لوضع نواميس جعلها في نفوسهم من غير تنزل الذي هو الشرع فوضعها حكماء زمانهم وذوو الرأي منهم العلماء بما يصلح العالم فتولاهم سبحانه بأن قرر في أنفسهم ما ينبغي أن تكون به المصلحة لهم مراعاة لكل جزء منهم فإن كل جزء من العالم مسبح لله تعالى من كافر وغير كافر فإن أعضاء الكافر كلها مسبحة لله ولهذا يشهد عليه يوم القيامة جلده وسمعه وبصره ويده ورجله غير أن العالم لا يفقهون هذا التسبيح وسريان هذه العبادة في الموجودات وهذا من توليه سبحانه ثم إنه تولاهم بإنزال الشرائع الصادقة المعرفة بمصالح الدنيا والآخرة ثم تولاهم بما أوجد من الرحمة فيهم التي يتعاطفون بها بعضهم على بعض في الوالدين بأولادهم في تربيتهم و بالأولاد على والديهم من البر بهم والاعتماد عليهم وبما جعل من شفقة المالكين على مماليكهم وعلى ما يملكونه من الحيوانات وتولى الحيوان بما جعل فيهم من عطف الأمهات على أولادها في كل حيوان يحتاج الولد إلى تدبير أمه وتولاهم بالأغراض ليهون عليهم المشقات ويسمى مثل هذا تسخيرا فيخرج الشخص لنيل غرضه فيما يزعم وهو من حيث التولي الإلهي ما خرج إلا في حق الغير وهو يتوهم أنه في حق نفسه كالتجار وأمثالهم فالقى في نفس التاجر المسافر طلب الربح في تجارته فقام طيبا نشيط النفس واشترى من البضاعات ما يحتاج إليه أهل ذلك البلد الذي يقصده فيجوب الأمصار ويركب البحار ويتعدى الأماكن القريبة من أجل حاجة أهل البلد الذي يقصده بما جعل الله في قلبه من ذلك بولايته فإذا وصل إلى ذلك البلد باع بربح أو خسارة ونال أصحاب تلك المدينة أغراضهم ووصلوا إلي حوائجهم وهذا المسخر يتخيل في نفسه أنه ليس بمسخر وإنما سافر ليكسب فلو خرج بنية التسخير وجعل الكسب تبعا كان

247

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 247
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست