responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 240


في البرزخيات بين المعنى والحس كاللحم بين العظم والجلد وأما اعتدال الشعر فهو إقامته بين البسط والقبض وأما كونه أسيل الوجه فهي الطلاقة والبشاشة وأما كونه أعين فصحة النظر في الأمور وأما كون عينه مائلة إلى الغور والسواد فهو النظر في المغيبات واستخراج الأمور الخفية وأما الجحوظة فهو ميلة إلى استنباط العلوم من عالم الشهادة وهم أهل الاعتبار وأما اعتدال عظم الرأس فتوفير العقل وأما كونه سائل الأكتاف فاحتمال الأذى في الغيبة من غير أثر وأما استواء العنق فالاستشراف على الأشياء من غير ميل إليها وأما الطول الزائد في العنق فهو الاستشراف على ما لا ينبغي مثل التجسس وأما القصر المفرط فهو التفريط فيما ينبغي أن يستشرف عليه وأما اعتدال اللبة فاستقامة العبارة بالوزن الذي تقع به المنفعة عند المخاطب وأما قلة اللحم في الورك والصلب فهو نظره في الأمور التي يتورك عليها ويعول عليها أن يخلصه إلى أحد الطرفين فإنه إن كانت برزخية قد تقدر به في غالب الأمر وأما كونه خفي الصوت فهو حفظ السر في موضع الجهر وأما صفاء الصوت فهو أن لا يزيد فيه شيئا وأما طول البنان فللطافة التناول وأما بسط الكف فرمى الدنيا من غير تعلق وأما قلة الكلام والضحك فنظره إلى مواقع الحكمة فيتكلم ويضحك بقدر الحاجة وأما كون ميل طباعه إلى المرتين فهو أن يغلب عليه في الصفراء الجنوح إلى العالم العلوي وفي السوداء إلى العالم السفلي واستخراج ما أخفي فيه من قرة أعين مما تحجب الطبيعة أكثر العقول في النظر فيها لما يسبق في أذهانهم من ذم الطبيعة وأما كونه في نظره فرح وسرور فهو استجلاب نفوس الغير إليه بالمحبة وأما كونه قليل الطمع في المال فهو البعد عن كل ما يميل به إلى ما لا فائدة له فيه وأما كونه ليس يريد التحكم عليك ولا الرئاسة فهو شغله بكمال عبوديته لا به وأما كونه ليس بعجلان ولا بطئ أي ليس بسريع الأخذ مع القدرة ولا عاجز وكذلك أيضا لما نظرنا إلى أرباب الفراسة الحكمية وجدناهم راجعين في ذلك إلى طرفين وواسطة وقسموا الأمور إلى محمود ومذموم أعني الأخلاق وجعلوا الخير كله في الوسط وجعلوا الانحراف في الطرفين فقالوا في الأبيض الشديد البياض والأشقر الأزرق ما سمعت من الذم وأنه غير محمود وكذلك الشديد السواد والرقيق الأنف جدا مذموم كل هذا والمعتدل بينهما الغير مائل إلى أحد الطرفين مثلا خارجا عن الحد هو المحمود على نحو ما تقدم فلما رأيناهم قد قصروها على ما ذكرنا نظرنا إلى ذلك في هذا العالم الإنساني أين ظهر الحسن والقبح فقلنا لا حسن يقع به المنزلة عند الله ولا قبح يقع باجتنابه الخير من الله إلا ما حسنه الشرع وقبحه فلما رأينا الحمد والذم على الفعل من جهة ما شرعا نظرنا كيف نجمع طرفين وواسطة لنجعل الطرفين مخالفا لحكم الوسط الذي هو محل الاعتدال فنقول لا يخلو الإنسان أن يكون واحدا من ثلاثة بالنظر إلى الشرع وهو إما أن يكون باطنيا محضا وهو القائل بتجريد التوحيد عندنا حالا وفعلا وهذا يؤدي إلى تعطيل أحكام الشرع كالباطنية والعدول عما أراد الشارع بها وكل ما يؤدي إلى هدم قاعدة دينية مشروعة فهو مذموم بالإطلاق عند كل مؤمن وإما أن يكون ظاهريا محضا متغلغلا متوغلا بحيث أن يؤديه ذلك إلى التجسيم والتشبيه فهذا أيضا مثل ذلك ملحق بالذم شرعا فأما أن يكون جاريا مع الشرع على فهم اللسان حيثما مشى الشارع مشي وحيثما وقف وقف قدما بقدم وهذه حالة الوسط وبه صحت محبة الحق له قال تعالى أن يقول نبيه فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم فاتباع الشارع واقتفاء أثره يوجب محبة الله للعباد وصحة السعادة الدائمة فهذا وجه مقابلة النسختين فإن قال قائل هذا مجمل فكيف يعرف تفصيله فإنا إذا رأينا رجلا ساكنا يشهد الصلوات والجماعات وهو مع ذلك منافق مصر فنقول إن السكون وشهود الصلوات وشبه ذلك من عالم الشهادة وكونه كافرا بذلك في قلبه فهو من عالم الغيب ونحن إذا حصلت لنا الفراسة الذوقية الإيمانية كما ذكرناها وكما نتمها إن شاء الله تعالى حكمنا بكونه كافرا في نفوسنا وأبقينا ماله ودمه معصوما شرعا لظهور كلمة التوحيد فمعاملتنا له على هذا الحد وما كلفنا غير هذا ثم لتعلم وفقك الله أن العالم العلوي بالجملة هو المحرك عالم الحس والشهادة وتحت قهره حكمة من الله تعالى لا لنفسه استحق ذلك فعالم الشهادة لا يظهر فيه حكم حركة ولا سكون ولا أكل ولا شرب ولا كلام ولا صمت إلا عن عالم الغيب وذلك أن الحيوان لا يتحرك إلا عن قصد وإرادة وهما من عمل القلب والإرادة من عالم الغيب والتحرك وما شاكله من عالم الشهادة وعالم الشهادة كلما أدركناه بالحس عادة وعالم

240

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 240
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست