نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 238
وما جربوه واختبروه ثم اعتباره في الصفات بما تقتضيه طريقنا في هذا الكتاب مختصرا كافيا إن شاء الله تعالى اعلم أن الله تعالى إذا أراد أن يخلق إنسانا معتدل النشأة ليكون جميع حركاته وتصرفاته مستقيمة وفق الله الأب لما فيه صلاح مزاجه ووفق الأم أيضا لذلك فصلح المني من الذكر والأنثى وصلح مزاج الرحم واعتدلت فيه الأخلاط اعتدال القدر الذي به يكون صلاح النطفة ووقت الله لإنزال الماء في الرحم طالعا سعيدا بحركات فلكية جعلها الله علامة على الصلاح فيما يكون في ذلك من الكائنات فيجامع الرجل امرأته في طالع سعيد بمزاج معتدل فينزل الماء في رحم معتدل المزاج فيتلقاه الرحم ويوفق الله الأم ويرزقها الشهوة إلى كل غذاء يكون فيه صلاح مزاجها وما تتغذى به النطفة في الرحم فتقبل النطفة التصوير في مكان معتدل ومواد معتدلة وحركات فلكية مستقيمة فتخرج النشأة وتقوم على أعدل صورة فتكون نشأة صاحبها معتدلة ليس بالطويل ولا بالقصير لين اللحم رطبة بين الغلظ والرقة أبيض مشربا بحمرة وصفرة معتدل الشعر طويله ليس بالسبط ولا الجعد القطط في شعره حمرة ليس بذاك السواد أسيل الوجه أعين عينه مائلة إلى الغور والسواد معتدل عظيم الرأس سائل الأكتاف في عنقه استواء معتدل اللبة ليس في وركه ولا صلبه لحم خفي الصوت صاف ما غلظ منه وما رق مما يستحب منه غلظة أو رقته في اعتدال طويل البنان للرقة سبط الكف قليل الكلام والصمت إلا عند الحاجة ميل طبائعه إلى الصفراء والسوداء في نظره فرح وسرور قليل الطمع في المال ليس يريد التحكم عليك ولا الرياسة ليس بعجلان ولا بطئ فهذا قالت الحكماء أعدل الخلقة وأحكمها وفيها خلق سيدنا محمد ص ليصح له الكمال في النشأة كما صح له الكمال في المرتبة فكان أكمل الناس من جميع الوجوه ظاهرا وباطنا فإن اتفق أن يكون في الرحم اختلال مزاج فلا بد أن يؤثر ذلك الاختلال في نشأة الإنسان في الرحم في عضو من أعضائه أو في أكثر الأعضاء أو في أقلها بحسب ما تكون المادة في الوقت لذلك العضو من القوة الجاذبة التي تكون في النطفة فيخرج ذلك إما في كلية النشأة وإما في بعض أعضائها فمن ذلك والله الموفق أن البياض الصادق مع الشقرة والزرقة الكثيرة دليل على القحة والخيانة والفسوق وخفة العقل فإن كان مع ذلك واسع الجبهة ضيق الذقن أزعر أو جن كثير الشعر على الرأس فقال أهل الفراسة من الحكماء أن التحفظ ممن هذه صفته كالتحفظ من الأفاعي القتالة فإن كان الشعر خشنا دل على الشجاعة وصحة الدماغ وإن كان لينادل على الجبن وبرد الدماغ وقلة الفطنة وإن كان الشعر كثيرا على الكتفين والعنق دل على الحمق والجراءة وإن كثر على الصدر والبطن دل على وحشية الطبع وقلة الفهم وحب الجور والشقرة دليل على الجبن وكثرة الغضب وسرعته والتسلط والأسود من الشعر يدل على السكون الكثير في العقل والأناة وحب العدل والمتوسط بين هذين يدل على الاعتدال وإن كانت الجبهة منبسطة لا غضون فيها دل على الخصومة والشغب والرقاعة والصلف فإن كانت الجبهة متوسطة في النتو والسعة وكانت فيها غضون فهو صدوق محب فهم عالم يقظان مدبر حاذق ومن كان عظيم الأذنين فهو جاهل إلا أنه يكون حافظا ومن كان صغير الأذنين فهو سارق أحمق وإن كان الحاجب كثير الشعر دل على الغي وغث الكلام فإن امتد الحاجب إلى الصدع فصاحبه تياه صلف ومن رق حاجبه فاعتدل في الطول والقصر وكانت سوداء فهو يقظان فإن كان العين أزرق فهي أردأ العيون وأردأ الزرق الغير وزجية فمن عظمت عيناه وجحظت فهو حسود وقح كسلان غير مأمون وإن كانت زرقاء كان أشد وقد يكون غاشا ومن كانت عيناه متوسطة مائلة إلى الغور والكحلة والسواد فهو يقظان فهم ثقة محب فإذا أخذت العين في طول البدن فصاحبها خبيث ومن كانت عينه جامدة قليلة الحركة كالبهيمة ميت النظر فهو جاهل غليظ الطبع ومن كان في عينه حركة بسرعة وحدة نظر فهو محتال لص غادر ومن كانت عينه حمراء فهو شجاع مقدام فإن كان حواليها نقط صفر فصاحبها أشر الناس وأرداهم وإن كان أنفه دقيقا فصاحبه نزق ومن كان أنفه يكاد يدخل في فمه فهو شجاع ومن كان أفطس فهو شبق ومن كان أنفه شديد الانتفاخ فهو غضوب وإذا كان غليظ الوسط مائلا إلى الفطوسة فهو كذوب مهذار وأعدل الأنوف ما طال غير طول فاحش ومن كان أنفه متوسط الغلظ وقناه
238
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 238