responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 227


به فيقال هذا عرش وهذا عقل وهذا قلم ولوح وكرسي وفلك وملك ونار وهوى وماء وأرض ومعدن ونبات وحيوان وإنسان ما بين أجناس وأنواع ثم سرت هذه الحقيقة في الأشخاص فيقال زيد وعمرو وهذا الفرس وهذا الحجر وهذه الشجرة هذا كله أعطاه استعداد أعيان الممكنات فاستدللت بآثارها في الوجود على ما هي عليه من الحقائق في ذاتها كما استدللت بآثار الأسماء في الوجود على الأسماء الإلهية وما للمسمى عين يقع عليها الإدراك فإذا وقف الممكن مع عينه كان حرا لا عبودية فيه وإذا وقف مع استعداداته كان عبدا فقيرا فليس لنا مقام في الحرية المطلقة إلا أن يكون مشهدنا ما ذكرناه فلا تحدث نفسك بغير هذا ومن لا يشهد هذا المقام فإنه لا يعلم أبدا مدلول قوله إن الله غني عن العالمين أي هو غني عن الدلالة عليه إذ لو أوجد العالم للدلالة عليه لما صح له الغني عنه فاعلم المعرفة من نصب العالم دليلا وعلى من يدل وهو أظهر وأجلي من أن يستدل عليه بغير أو يتقد تعالى بسوى إذ لو كان الأمر كذلك لكان للدليل بعض سلطنة وفخر على المدلول ولو نصبه المدلول دليلا لم ينفك هذا الدليل عن مرتبة الزهو بكونه أفاد الدال به أمرا لم يتمكن للمدلول أن يوصل إليه إلا به فكان ببطل الغني والحرية وهما ثابتان لله تعالى فما نصب الأدلة عليه وإنما نصبها على المرتبة ليعلم أنه لا إله إلا هو فهذا لسان الخصوص في الحرية وأما لسان العموم فالحرية عند القوم من لا يسترقه كون إلا الله فهو حر عن ما سوى الله فالحرية عبودة محققة لله فلا يكون عبد الغير الله الذي خلقه ليعبده فوفى بما خلق له فقيل فيه نعم العبد إنه أواب أي رجاع إلى العبودة التي خلق لها لأنه خلق محتاجا إلى كل ما في الوجود فما في الوجود شئ إلا ويناديه بلسان فقر هذا العبد أنا الذي يفتقر إلي فارجع إلي فإذا كان عالما بالأمور علم إن الحق عند من ناداه وأنه فقير إلى ذلك السبب لكونه مستعدا لهذا الفقر إليه فإذا بحقيقته افتقر ثم نظر إلى معطي ما هو محتاج إليه في هذا السبب فرآه الاسم الإلهي فما افتقر إلا إلى الله من اسمه ولا افتقر إلا بنفسه من أثر استعداده فعلم ما الفقر ومن افتقر ومن افتقر إليه فلهذا أمر ص أن يقول رب زدني علما فقد نبهتك على ما فيه كفاية في الحرية وأسرارها مما لا تجده في غير هذا الكتاب من مصنفات غيرنا ( الباب الواحد والأربعون ومائة في مقام ترك الحرية ) من ليس ينفك عن حاجاته أبدا * كيف التحرر والحاجات تطلبه فهو الفقير إلى الأشياء أجمعها * فالفقر مذهبه والفقر مكسبه لذا تسمى بأعيان الكيان لنا * حتى تعين في المنطوق مذهبه فليس في الكون حر حيث يطلبنا * من كل وجه ومنه نحن نطلبه اعلم وفقك الله أن ترك الحرية عبودة محضة خالصة تسترق صاحبها الأسباب لتحققه بعلم الحكمة في وضعها فهو بذل تحت سلطانها فصاحبها كالأرض يطئوها البر والفاجر وتعطي منفعتها المؤمن والكافر تؤثر فيه تأثير الدعاء من الكون في الحق إجابة دعائه تحققا بمولاه حين رأى هذا المقام يصحبه مع الغني المنسوب إليه فكيف حال من يجوع مركبه ويعري ويظمأ ويضحى وهو مأمور بحفظه والنظر في شأنه وما يصلحه قد ولاة الله عليه وأنزله خليفة فيه وليس في قوته أن يقوم بحقه إلا أن تمكنه الأسباب من نفسها فبالضرورة يخضع في تحصيلها لأداء حق الله فيه المتوجه عليه فإن الله يقول له إن لنفسك عليك حقا ولعينك عليك حقا ولزورك عليك حقا ومن توجهت عليه الحقوق فإني له الحرية فكل كون عليه حق * فهو عبيد لذلك الحق وليس جرا فكن عليما * به خبيرا كمن تحقق ولا تكن مثل من تأبى * عن أمر مولاه إذ تخلق الله رب وأنت عبد * له فكنه فالكون أسبق قد قلت ذا حين كان سمعي * ومقولي حين كنت أنطق ومن يكن مثل ما ذكرنا * فذلك العالم الموفق

227

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 227
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست