نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 195
ونحن بحمد الله حيث قلنا بمخالفتها ولم نقل تخالف بالمقابل فقد يكون الخلاف بما ليس بمقابل فيجمع بين وجود الخلاف وبين المساعدة وسيأتي في الباب الذي بعد هذا الباب وفائدة المخالفة عظيمة واعلم أنه لا يخالف النفس إلا في ثلاثة مواطن في المباح والمكروه والمحظور لا غير وأما إذا وقعت لها لذة في طاعة مخصوصة وعمل مقرب فهنالك علة خفية يخالفها بطاعة أخرى وعمل مقرب فإن استوى عندها جميع التصرفات في فنون الطاعات سلمنا لها تلك اللذة بتلك الطاعة الخاصة وإن وجدت المشقة في العمل المقرب الآخر الذي هو خلاف هذا العمل فالعدول إلى الشاق واجب لأنها إن اعتادت المساعدة في مثل هذا أثرت في المساعدة في المحظور والمكروه والمباح وإنما صعب على النفس المخالفة لكريم أصلها وعلو منصبها فإن النيابة الإلهية في العالم لها فتقول في نفسها بيدي أزمة الأمر وملاكه ولا سيما وقد خلقني الله تعالى على الصورة فمخالفتي مخالفة الحق من هذا المقام يكون لها المخالفة موتا أحمر وحجبت هذه النفس عن الاتساع الإلهي وعما خلقت له وعن العلم بأن الصورة ليست لكل نفس وإنما هي للنفس الكاملة كنفوس الأنبياء ومن كمل من الناس فلو كملت هذه النفس ما كانت المخالفة لها موتا أحمر فإن لذة العرفان تعطيها الحياة التي لا موت فيها فالوجود والفتح مقرونان بمخالفتها في كل شئ ينبغي أن تخالف فيه فافهم ( الباب الثالث عشر ومائة في معرفة مساعدة النفس في أغراضها ) ساعد النفس إنها نفس الحق * ونعت له فأين تغيب أنظر الحق في الوجود تراه * عينه فالبغيض فيه الحبيب ليس عيني سواه إن كنت تدري * فهو عين البعيد وهو القريب إن رآني به فمني أراه * أو دعاني إليه فهو المجيب مخالفتها عين مساعدتها فإنها بها تخالفها فانتقلت منها إليها فما زلت عنها ثم اعلم أن للنفس غرضين ذاتي وعرضي فالذاتي هو جلب المنافع ودفع المضار والعرضي هو ما عرض لها من جانب الشريعة وقد يكون من جانب الغرض وقد يكون من جانب ملائمة الطبع وقد يكون من جانب طلب الكمال فكلها في الطريق الذي نحن بسبيله غير معتبر إلا جانب الشريعة خاصة فإنها التي وضعت الأسباب الفاضلة التي بفعل ما أمرت بفعله وبترك ما نهت عن فعله وجبت السعادة وحصلت المحبة الإلهية وكان الحق سمع العبد وبصره ففصل الشارع لها جميع ما يرضيه منها وما يسخطه من ذلك عليها إن فعلته وما لا سخط فيه ولا رضي فما كان مما يرضي الله فهو إلقاء ملكي وفي حق النبي إلقاء ملكي وإلهي وليس للالقاء الإلهي مدخل في الأولياء الأتباع جملة واحدة أعني في الأحكام بتحليل أو تحريم وما كان مما يسخط الله فهو إلقاء شيطاني لا ناري فمن الجن من يلقي الخير في قلوب الصالحين لهم بهم تلبس عظيم وامتزاج ومحبة فما كان مما يلقي الشيطان فهو ملذوذ للنفس ومحبب لها ومزين في عينها في الوقت مر العاقبة في المال وإلقاء الملك قد يكون مرا في الوقت لكنه ملذوذ في المال وكلتا الحالتين لا تقتضيهما النفس من ذاتها فلا ينبغي للعاقل أن يساعد النفس فيما تتعلق به من الأمور التي تأمره بها مما يقع له فيها غرض إما عرضي أو ذاتي إلا المؤمن والعارف فالمؤمن يساعدها في الغرض الذاتي وهو كل ما تأمره به من المباح خاصة ومن ملذوذات الطاعات وأما العارف الذي الحق سمعه وقواه فيساعدها في جميع أغراضها فإنه نور كله والنور ما لا ظلمة فيه ولذلك كان ص يقول في دعائه واجعلني نورا لأن النفس ما ينسب إليها ذم إلا بعد تصريفها آلتها في المذموم وهو الظلمة فيقال قد اغتاب الغيبة المحرمة عليه وقد كذب الكذب المحرم عليه وقد نظر النظر المحرم عليه وما لم يظهر الفعل على الآلات لم يتعلق بها ذم والعارف قد وقع الإخبار الإلهي عنه بأن الحق جميع قواه فذكر الآلات فلهذا أبحنا للعارف مساعدة النفس لما هو عليه من العصمة في ظاهره الذي هو الحفظ ( الباب الرابع عشر ومائة في معرفة الحسد والغبط ) حسد القلب حصاد * وهوى النفس بعاد
195
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 195