responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 187


مشهده فلا يزال حزنه دائما أبدا وهو مقام مستصحب للعبد ما دام مكلفا وفي الآخرة ما لم يدخل الجنة فإن في الآخرة لهم حزن التغابن لا حزن الفزع الأكبر والخوف يرتفع عنهم مطلقا إلا أن يكونوا متبوعين فإن الخوف يبقى عليهم على الاتباع كالرسل فالحزن إذا فقد من القلب في الدنيا خرب لحصول ضده إذ لا يخلو والدار لا تعطي الفرح لما فيه من نفي المحبة الإلهية عمن قام به وما يزيل الحزن إلا العلم خاصة وهو قوله فبذلك فليفرحوا فالحزن مثل العلم سواء يرتفع بارتفاع المحزون عليه ويتضع كذلك كالعلم يشرف بشرف المعلوم والحزن مقام صعب المرتقى قليل من الخلق عليه هو للكمل من الناس ( الباب الخامس ومائة في ترك الحزن ) الحق أعطى كل شئ * خلقه ثم هدى فما ترى من فائت * قد فات فالحزن سدى الحزن حكم واقع * لفائت وما عدا هذا فلا تحفل به * فإنه حكم البدا هو حال وليس بمقام وهو مؤد إلى خراب القلوب وفي طيه مكر إلهي إلا للعارف فإنه لا يخرج عن مقام الحزن إلا من أقيم في مقام سلب الأوصاف عنه قيل لأبي يزيد كيف أصبحت قال لا صباح لي ولا مساء إنما هي لمن تقيد بالصفة وأنا لا صفة لي وذلك لما سأله بكيف وهي للحال وهو من أمهات المطالب الأربعة وله من النسب الإلهية سنفرغ لكم أيه الثقلان على قراءة الكسائي وكل يوم هو في شأن ويخفض القسط ويرفعه فهذا مقام الكيف في الإلهيات وأما أبو يزيد فما قصد التمدح بهذا القول وإنما قصد التعريف بحاله فإن الصباح والمساء لله لا له وهو المقيد تعالى بالصفة والعبد العنصري مقيد بالصباح والمساء غير مقيد بالصفة ولهذا نفى الصفة فقال لا صفة لي لهم رزقهم فيها بكرة وعشيا فالصباح والمساء يملكه ولا ملك لأبي يزيد عليهما لأنهما بالصفة يملكان وأبو يزيد لا صفة له فمن لا علم له بالمقام يتخيل أن أبا يزيد تأله في هذا القول ولم يقصد ذلك رضي الله عنه بل هو أجل من أن يعزي إليه مثل هذا التأويل في قوله هذا فإن قال من يتأول عليه خلاف ما قلناه من أنه تأله في قوله بقوله ضحكت زمانا وبكيت زمانا وأنا اليوم لا أضحك ولا أبكي فاعلم أنه ثم تجلى يضحك وما رأيت أحدا في هذا الطريق من أهل الضحك إلا واحدا يقال له علي السلاوي سحت معه وصحبته سفرا وحضرا بالأندلس لا يفتر عن الضحك شبه الموله وما رأيته جرى عليه قط لسان ذنب وأما البكاءون فما رأيت منهم إلا واحدا يوسف المغاور الجلاء سنة ست وثمانين وخمسمائة بإشبيلية وكان يلازمنا ويعرض أحواله علينا كثير الجزع لا تفتر له دمعة صحبته في الزمان الذي صحبت الضحاك وأما كون أبي يزيد انتقل عن هذين المقامين إلى المقام الذي بينهما فإنهما من الأمور المتقابلة التي ما يكون بينهما واسطة كالنفي والإثبات لا كالوجود والعدم والحار والبارد فإن بينهما واسطة تأخذ من كل طرف بنسبة تميزه عن الطرفين وكذلك إذا لم يكن الشخص في موجب ضحك ولا موجب بكاء كحالة البهت لأهل الله فهو لا ضاحك ولا باك فوصفه البهت والتعري عن الموجبين فأراد التعريف ما أراد التمدح ( الباب السادس ومائة في معرفة الجوع المطلوب ) الجوع موت أبيض * وهو من أعلام الهدى ما لم يؤثر خبلا * فهو دواء وهودا فاحكم به تكن به * موفقا مسددا الجوع حلية أهل الله وأعني بذلك جوع العادة وهو الموت الأبيض فإن أهل الله جعلوا في طريقهم أربع موتات هذا أحدها وموت أخضر وهو لباس المرقعات إلا المشهرات كان لعمر بن الخطاب ثوب يلبسه فيه ثلاث عشرة رقعة إحداهن قطعة جلد وهو أمير المؤمنين وموت أسود وهو تحمل الأذى وموت أحمر وهو مخالفة النفس في أغراضها وهو لأهل الملامية فالجوع المطلوب في الطريق هو للسالكين جوع اختيار لتقليل فضول الطبع ولطلب السكون عن الحركة إلى الحاجة فإن علا فلطلب الصفة الصمدية وحده عندنا صوم يوم فإن زاد فإلى السحر هذا هو

187

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 187
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست