responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 172


من سواد وحمرة وصفرة وغير ذلك فمنه ما يكون لونا قائما بالمحل ومنه ما يكون لونا في ناظر العين وليس كذلك في نفس المتلون كسواد الجبال البيض على البعد فإذا جئتها رأيتها بيضا وقد كنت تحكم عليها بالسواد وأنت غالط في ذلك الحكم وصحيح في ظهور السواد به مصيب والكيفية في ذلك مجهولة وبهذه المثابة زرقة السماء إنما هي لنظر العين وإن كانت في نفسها على لون يخالف الزرقة وأما اختياره من الملائكة الروح لأنه المنفوخ فيه في كل صورة ملكية وفلكية وعنصرية ومادية وطبيعية وبها حياة الأشياء وهو الروح المضاف إليه وهو نفس الرحمن الذي يكون عنه الحياة والحياة نعيم والنعيم ملتذ به والالتذاذ بحسب المزاج كما قلنا في مزاج المقرور يتنعم بما به يتعذب المحرور فافهم ويكفيك تنبيه الشارع لو كنت تفهم بأن للنار أهلا هم أهلها وللجنة أهلا هم أهلها وذكر في أهل النار أنهم لا يموتون فيها ولا يحيون فهم يطلبون النعيم بالنار لوجود البرد وهذا من حكم المزاج وأما اختياره البراق من المراكب لكونه مركب المعارج فجمع بين ذوات الأربع وذوات الجناح فهو علوي سفلي كبعض الحيوانات بري بحري وأما اختياره دعاء يوم عرفة فإنه دعاء في حال تجريد وذلة وخضوع في موطن معرفة ليوم زماني لما فيه من الجمع بين الليل والنهار وأما اختياره قل هو الله أحد فلأنها مخصوصة به ليس فيها ذكر كون من الأكوان إلا أحدية كل أحد إنها لا تشبه أحديته تعالى خاصة وفي إتيانها في هذه السورة علم غريب لمن فتح الله به عليه فإنه افتتح السورة بأحديته وختمها بأحدية المخلوقين فاعلم أن الكائنات مرتبطة به ارتباط الآخر بالأول لا ارتباط الأول بالآخر فإن الآخر يطلب الأول والأول لا يطلب الآخر فهو الغني عن العالمين من ذاته ويطلب الآخر من مسمى الله المنعوت بالأحدية فهذا قد نبهتك على مأخذ هذا العلم الذي تحويه هذه السورة بالأحدية المتأخرة التي هي مع ارتباطها بالأول لا تماثلها لكونها تطلبه ولا يطلبها أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد وأما اختياره من الآي آية الكرسي الآيات العلامات ولا شئ أدل على الشئ من نفسه وهذه آية الكرسي كلها أسماؤه أو صفته لا يوجد ذلك في غيرها من الآيات فدل على نفسه بنفسه الله لا إله إلا هو فنفى وأثبت بضمير غائب على اسم حاضر له مسمى غيب الحي صفة شرطية في وجود ما له من الأسماء القيوم على كل ما سواه بما كسب فإنه أعطى كل شئ خلقه لا تأخذه سنة ولا نوم صفة تنزيه عما يناقض حفظ العالم الذي لولا قيوميته ما بقي لحظة واحدة له الضمير يعود عليه وهو ضمير غيب ما في السماوات وما في الأرض ملكا له وعبدا معين الحفظ لبقاء الحكم بالألوهة من ذا الذي يشفع شفعية الوتر بالحكم عنده ضمير غيب إلا بإذنه عدم الاستقلال بالحكم دونه فلا بد من إذنه إذ كان ثم شفيع أو شفعاء يعلم ما في السماوات وما في الأرض من الشفعاء والمشفوع فيهم يعلم ما بين أيديهم وهو ما هم فيه وما خلفهم وهو ما يؤولون إليه ولا يحيطون بشئ من علمه بالأشياء إلا بما شاء منها لا بكلها وسع كرسيه علمه السماوات والأرض العلو والسفل ولا يؤده يثقله حفظهما لأنه حفظ ذاتي معنوي وإمداد غيبي وخلق دائم في سفل وعلو وهو ضمير غيب العلي بغناه عن خلقه من ذاته العظيم في قلوب العارفين بجلاله فله الهيبة فيها فهي آية ذكر الله فيها ما بين اسم ظاهر ومضمر في ستة عشر موضعا من هذه الآية لا تجد ذلك في غيرها من الآيات منها خمسة أسماء ظاهرة الله الحي القيوم العلي العظيم ومنها تسعة ضميرها ظاهر فهي مضمرة في الظاهر ومنها اثنان مضمران في الباطن لا عين لها في الظاهر وهما ضمير العلم والمشيئة وكذلك علمه ومشيئته لا يعلمها إلا هو فلا يعلم أحد ما في علمه ولا ما في مشيئته إلا بعد ظهور المعلوم بوقوع المراد لا غير فلذلك لم يظهر الضمير فيها وأما اختاره يس من القرآن فلأنها قلب القرآن ومن قرأها كان كمن قرأ القرآن عشر مرات والقلب أشرف ما في الصورة الصادية كذلك السورة السينية وهي المنزلة ولها من الأبراج بيت شرف الشمس وهو برج الأولية زمان الربيع إقبال النش ء وظهور البدء وابتداء زينة عالم الطبيعة وتلطيف بخارات الأنفاس التي كثفها زمان الشتاء لبرودة الجو كان يعطي الجمد في البخارات الخارجة من المتنفسين عند ما تخرج يكثفها ثم يردها ما وهو ما تجد في يديك إذا تنفست فيه في زمان الشتاء من النداوة وله الشؤون الإلهية التي لا يزال في كل نفس فيها جل جلاله وأما اختياره من الكلام القرآن وهو الذي له صفة الجمع وفي الجمع عين الفرقان إذ الجمع دليل الكثرة

172

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 172
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست