نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 170
حال عدمه وهي مسألة دقيقة في الترجيح في حال العدم وبذلك الافتقار الذاتي الذي في الممكن قبل الوجود إذا أراده الحق منه وأسرع إليه بحكم الإثبات الذي هو عليه وأما النور المختار من الأنوار فإن الأنوار حجب ولذلك قال في الأنوار الحجابية نور إني أراه ثم وعد بالرؤية وهو نور فلا بد أن يكون النور الذي يظهر فيه لعباده مختارا من تلك الأنوار الحجابية كنور الأحدية والعزة والكبرياء والعظمة فهذه كلها ترفع عن البصر ويبقى حكمها في القلب فبرفعها تقع الرؤية للحق تعالى ويبقى حكمها في القلب ويفنى العبيد عن الرؤية ولولا ذلك لشهدوا نفوسهم عند شهوده وأما اختياره الصورة الآدمية فلأنه خلق آدم على صورته فأطلق عليه جميع أسمائه الحسنى وبقوتها حمل الأمانة المعروضة وما أعطته هذه الحقيقة أن يردها كما أبت السماوات والأرض والجبال حملها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما لو لم يحملها جهولا لأن العلم بالله عين الجهل به العجز عن درك الإدراك إدراك فإنه إذا علم إن ثم ما لم يعلم فما علم وهو العلم بأن ثم ما لا يعلم وليس لعلمه متعلق إلا الجهل به وأما اختياره البراهين الوجودية من البراهين الجدلية وغيرها فلما تعطيه من تمام العلم بثبوت الحق وإبطال حجة الخصم والبراهين الجدلية ليست لها هذه القوة فإنها تبطل حجة الخصم وقد لا تثبت حقا والبراهين السوفسطائية تنتج حيرة وهي أقرب إلى البراهين الوجودية في العلم الإلهي من وجه من البراهين الجدلية وأما اختياره الشريعة المنزلة فلما لها من عموم التعلق بالدار الآخرة ومصالح الدنيا وليست النواميس الحكمية الموضوعة لمصالح الدنيا وبقاء الخير في عالم الدنيا لها حكم لتحكم على الله بالقرب الإلهي وقبول الأعمال ورفع الدرجات وإثبات الجنات ودار الشقاء لا يستقل بذلك كله إلا الشرع المنزل من عند الله وأما الذين ابتدعوا عبادات ورعوها حق رعايتها ابتغاء رضوان الله مما لم يكتبها الله عليهم فهم أصحاب شرع منزل من عند الله فسنوا فيه سننا حسنة مناسبة لما سنها الشرع بالشرع المنزل فيهم وأباح لهم أن يسنوا وأما النواميس الحكمية فما هي التي سنها هؤلاء ولهذا جعل لهم الأجر وأما اختياره الحركة المستقيمة فإنه على صراط مستقيم كما قال عن نفسه واختص بها الإنسان الذي خلقه الله على صورة الحق وفيها يحشر السعيد يوم القيامة فهي له دنيا وآخرة فإن المجرمين يحشرون منكوسين وهي الحركة المنكوسة كما قال تعالى في حق المجرمين ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم والحركة المعوجة الأفقية في البهائم فلم تصح الحركة المستقيمة إلا لمن خلقه الله على الصورة وذلك الإنسان الكامل الذي له هذه الصفة في الدنيا والآخرة ولهذا خص بها ذكر آدم لأنه من أهل السعادة التي تبقي عليه هذه الحركة المستقيمة ولهذا نعت بالخلافة وأما اختياره الشمس فلما لها من الإمداد في جميع الكواكب المستنيرة علوا وسفلا ولهذا قال إبراهيم ع هذا أكبر واختصت على المذهبين بالقلب من الكرة وهي السماء الرابعة وفيها إدريس عليه السلام والله قد ذكر أنه رفعه مكانا عليا فعلو هذا المكان من كونه قلب الأفلاك فهو مكان عال بالمكانة وما فوقه وإن كان دونه فهو أعلى بالمسافة وبنسبته إلى رؤسنا وهو الذي أحدث الليل والنهار بطلوعه وغروبه الذي جعل الله لهما الغشيان وهو النكاح والإيلاج لظهور أعيان المولدات وما يحدث الله في الليل والنهار من المخلوقات عن هذا الإيلاج والغشيان وجعل لكل واحد من هذين الموجودين عن الحركة الشمسية الطلب الحثيث لإبراز أعيان الحوادث عن هذا الطلب وأما اختياره محمدا ص فلما اقتضاه مزاجه دون الأمزجة الإنسانية من الكمال والاعتدال إذ به شاهد نبوته وآدم بين الماء والطين وهو متفرق الأجزاء في المولدات العنصرية وهي مسألة دقيقة لا يعرفها إلا من عرف أخذ الذرية من ظهر آدم حين أشهدهم على أنفسهم ألست بربكم فقالوا بلي وهي الفطرة التي ولد الناس عليها وإليها ينتهون وفي هذا الجمع قال الأرواح أجناد مجندة ولما جمعهم جمعهم في حضرة التمثيل فما كان وجها لوجه هناك تعارفوا هنا وما وقع ظهر الظهر هناك تناكر هنا وما بينهما من وجه إلى ظهر وجانب وغير ذلك وفي هذا أقول إن القلوب لا جناد مجندة في حضرة الجمع تبدو ثم تنصرف فما تعارف منها فهو مؤتلف وما تناكر منها فهو مختلف وإن كل أحد يقر بهذه الشهادة في الآخرة ولا ينكر ولا يدعي لنفسه ربوبية يقول تعالى إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين
170
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 170