responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 163


القياس مثله إذا كان جليا لا يرتاب فيه وعندنا وإن لم نقل به في حقي فإني أجيز الحكم به لمن أداه اجتهاده إلى إثباته أخطأ في ذلك أو أصاب فإن الشارع أثبت حكم المجتهد وإن أخطأ وأنه ما جور فلو لا أن المجتهد استند إلى دليل في إثبات القياس من كتاب أو سنة أو إجماع أو من كل أصل منها لما حل له أن يحكم به بل ربما يكون في حكم النظر عند المنصف القياس الجلي أقوى في الدلالة على الحكم من خبر الواحد الصحيح فإنا إنما نأخذه بحسن الظن برواته ولا نزكيه علما على الله فإن الشرع منعنا أن نزكي على الله أحدا ولنقل أظنه كذا وأحسبه كذا والقياس الجلي يشاركنا فيه النظر الصحيح العقلي وقد كنا أثبتنا بالنظر العقلي الذي أمرنا به شرعا في قوله أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض أو لم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة وفي القرآن من مثل هذا كثير فقد اعتبر الشارع حكم النظر العقلي في إثبات وجود الله أو لا وهو الركن الأعظم ثم اعتبره في توحيده في ألوهته فكلفنا النظر في أنه لا إله إلا الله بعقولنا ثم نظرنا بالدليل العقلي ما يجب لهذا الإله من الأحكام ثم نظرنا بالنظر العقلي الذي أمرنا به في تصديق ما جاء به هذا الرسول من عنده إذ كان بشرا مثلنا فنظرنا بالعقول في آياته وما نصبه دليلا على صدقه فأثبتناه وهذه كلها أصول لو انهد ركن منها بطلت الشرائع ومستند ثبوتها النظر العقلي واعتبره الشرع وأمر به عباده والقياس نظر عقلي أترى الحق يبيحه في هذه المهمات والأركان العظيمة ويحجزه علينا في مسألة فرعية ما وجدنا لها ذكرا في كتاب ولا سنة ولا إجماع ونحن نقطع أنه لا بد فيها من حكم إلهي مشروع وقد انسدت الطرق فلجأنا إلى الأصل وهو النظر العقلي واتخذنا قواعد إثبات هذا الأصل كتابا وسنة فنظرنا في ذلك فأثبتنا القياس أصلا من أصول أدلة الأحكام بهذا القدر من النظر العقلي حيث كان له حكم في الأصول فقسنا مسكوتا عنه على منطوق به لعلة معقولة لا يبعد أن تكون مقصودة للشارع تجمع بينهما في مواضع الضرورة إذا لم نجد فيه نصا معينا فهذا مذهبنا في هذه المسألة وكل من خطأ عندي مثبت القياس أصلا أو خطأ مجتهدا في فرع كان أو في أصل فقد أساء الأدب على الشارع حيث أثبت حكمه والشارع لا يثبت الباطل فلا بد أن يكون حقا ويكون نسبة الخطاء إلى ذلك نسبة أنه أخطأ دليل المخالف الذي لم يصح عند المجتهد أن يكون ذلك دليلا والمخطئ في الشرع واحد لا بعينه فلا بد من الأخذ بقوله ومن قوله إثبات القياس فقد أمر الشارع بالأخذ به وإن كان خطأ في نفس الأمر فقد تعبده به فإن للشارع أن يتعبد بما شاء عباده وهذه طريقة انفردنا بها في علمنا مع أنا لا نقول بالقياس بالنظر إلينا ونقول به بالنظر لمن أداه إليه اجتهاده لكون الشارع أثبته فلو أنصف المخالف لسكت عن النزاع في هذه المسألة فإنها أوضح من أن ينازع فيها والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ثم نبين في هذا الباب ما يتعلق بأصول الأحكام عند علماء الإسلام كما علمنا في العبادات وكان الأولى تقديم هذا الباب في أول العبادات قبل الشروع فيها ولكن هكذا وقع فإنا ما قصدنا هذا الترتيب عن اختيار ولو كان عن نظر فكري لم يكن هذا موضعه في ترتيب الحكمة فأشبه آية قوله حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى بين آيات طلاق ونكاح وعدة وفاة يتقدمها ويتأخرها فيعطي الظاهر أن ذلك ليس موضعها وقد جعل الله ذلك موضعها لعلمه بما ينبغي في الأشياء فإن الحكيم من يعمل ما ينبغي لما ينبغي كما ينبغي وإن جهلنا نحن صورة ما ينبغي في ذلك فالله تعالى رتب على يدنا هذا الترتيب فتركناه ولم ندخل فيه برأينا ولا بعقولنا فالله يملي على القلوب بالإلهام جميع ما يسطره العالم في الوجود فإن العالم كتاب مسطور إلهي وإذا تعارض آيتان أو خبران صحيحان وأمكن الجمع بينهما واستعمالهما معا فلا نعدل عن استعمالهما فإن لم يمكن استعمالهما معا بحيث أن يكون في أحدهما استثناء فيجب أن يؤخذ بالذي فيه الاستثناء وإن كان في أحدهما زيادة أخذت الزيادة وعمل بها فإن لم يوجد شئ من ذلك وتعارضا من جميع الوجوه فينظر إلى التاريخ فيؤخذ بالمتأخر منهما فإن جهل التاريخ وعسر العلم به فلينظر إلى أقربهما إلى رفع الحرج في الدين فيعمل به لأنه يعضده ما عليكم في الدين من حرج ودين الله يسر ويريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فدعوه فإن تساويا في رفع الحرج فلا يسقطان وتكون مخيرا فيهما تعمل بأي الخبرين شئت أو الآيتين وإذا تعارض آية وخبر صحيح من جميع الوجوه من أخبار الآحاد وجهل التاريخ أخذ بالآية وتركنا الخبر فإن الآية مقطوع بها وخبر الواحد مظنون فإن

163

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 163
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست