responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 156


فما ظنك بمنزلة أمم الأنبياء منا والله ما يعرفون على أي طريق سلكت هذه الأمة في فرارها فإن الله مجهول الأينية والفرار كان إليه فلا يدري أحد يفر إليه إذا تلقاه وأخذ بيده إلى أين يسير به فإن الله أسرع إلى من فر إليه في تلقيه من الفار إليه فإنه يقول وهو الصادق تعالى ومن أتاني يسعى أتيته هرولة فوصف نفسه بالإقبال على عبده إذا أتاه بأضعاف مما يأتيه به من الحال وإتيان الفار أشد من الهرولة فيكون إتيان الحق إليه أشد من ذلك فتحقق هذا في العلم الإلهي تر العجب فيما أعطى الله هذه الأمة بعناية محمد صلى الله عليه وسلم فاعلم إن مقامك من الفرار لا يتعين فنتكلم عليه فإن حكمه في الفار بحسب ما فر منه وهي أمور كثيرة لا تنضبط جزئياتها وإن انحصرت أمهاتها أو ما فر إليه وهي أسماء كثيرة إلهية أو أحكام بحسب ما يراه الفار إليه ولكن الذي أمر الله به أن نفر إلى الله والفرار إلى الله لا يصح من حيث المجموع فإنا منه نفر إليه فإن فيه ما نفر منه ومن وإلى لا يجتمعان فإن أحكامهما مختلفة فإن قلت فقوله وأعوذ بك منك قلنا فيه وجهان الواحد أن قوله وأعوذ بك ما هو حكم الباء هنا حكم إلي فإنه يستعيذ بالله في حال فراره وما بلغ إلى حكم إلى ونحن إنما نتكلم في لفظة إلى من حيث ما تدل عليه وهذا التعويذ النبوي إنما وقع بالباء فلا وجه لقولك هذا بالاستعاذة والوجه الآخر أنه وإن جعلتها مطلوب إلى عين المستعاذ به في نهاية الفرار فمعلوم أنه لو كان عين من تفر منه عين من يفر إليه من غير اختلاف نسبة لم يصح فرار فلا بد من اختلاف النسبة فالنسبة التي جعلتك تفر منه عين النسبة التي فررت إليه من أجلها والعين واحدة مثل قوله يوم نحشر المتقين إلى الرحمن فالعين التي تحشر منها هي العين التي تحشر إليها وبعينها ما وصفت به فانظر أي اسم يكون مشهود المتقي فما تجده الرحمن وإن كان معه في حال اتقائه ولكن تحشر إليه لينفرد بك دون أن تكون لاسم آخر تصرف فيك وقوله إني لكم منه نذير مبين تعلم ما هو الاسم الذي من أجله كان الإنذار المبين من المنذر لك وقوله منه يعود على الله هو الذي وجهه إليك ليأمرك بالفرار إلى الله وإنما جاء بالاسم الجامع إذ كان في عرف الطبع الاستناد إلى الكثرة يقول النبي صلى الله عليه وسلم يد الله مع الجماعة فالنفس يحصل لها الأمان باستنادها إلى الكثرة والله مجموع أسماء الخير إذا حققت معرفة الأسماء الإلهية وجدت أسماء الأخذ قليلة وأسماء الرحمة كثيرة في الاسم الله فلذلك أمرك بالفرار إلى الله فاعلم ذلك وما من اسم إلهي إلا ويريد أن يربطك به ويقيدك وتكون له لظهور سلطانه فيك وأنت قد علمت إن سعادتك في المزيد والمزيد لا يكون لك إلا بالانتقال إلى حكم اسم آخر لتستفيد علما لم يكن عندك والذي أنت عنده لا يتركك فتعين الفرار ويكون الإنذار أن لا يحكم عليك الاسم الذي أنت عنده بالبقاء معه ففررت إلى موطن الزيادة فالفرار حكم يستصحب العبد في الدنيا والآخرة ودرجات العارفين من أهل الأنس والوصال منه خمسمائة واثنتا عشرة درجة ودرجات العارفين من أهل الأدب والوقوف مثلهم ودرجات الملامية من أهل الأنس والوصال أربعمائة وإحدى وثمانون درجة ودرجات الملامية من أهل الأدب والوقوف مثلهم ( الباب الثالث والثمانون في ترك الفرار ) أين الفرار وما في الكون إلا هو * وهل يجوز عليه هل هو أو ما هو إن قلت هل فشهود العين ينكره * أو قلت ما هو فما هو ليس إلا هو فلا تفر ولا تركن إلى طلب * فكل شئ تراه ذلك الله أعلم أيدك الله أن قوله تعالى فتربصوا عقيب ما تعدد من الأعيان إذن وأمر بالتربص إن كان الله مشهودا لكم في كل ما ذكرناه فإن ذلك الشهود هو المطلوب بهذا الفرار لأن الله أمرنا بالفرار إلى الله وقوله أحب إليكم من الله أي من أجل الله أي شهودكم الله في هذه الأعيان أحب إليكم من شهودكم إياه في أعيان غيرها للمناسبة القريبة التي بينكم وبين هذه الأشياء المذكورة وإن كان الكامل منا يشهده في كل عين ولكن بعض الأعيان قد يكون لبعض الأشخاص أحب من أعيان أخر وقوله ورسوله مثل قوله من الله أي ومن أجل رسوله حيث أمركم ببر هؤلاء وجعل لهم حقوقا عليكم فحقوق الآباء والأبناء والإخوان والأزواج والعشائر معلومة منصوص عليها لا تخفى على من وقف على العلم المشروع وكذلك حقوق الأموال نعم المال الصالح للرجل الصالح وحقوق التجارة معلومة فإن صدق التجارة

156

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 156
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست