نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 150
اللفظ واحد وهو المشهود والقصد غيب والأولى أن تحسن الظن بمن يتجمل فإنك مندوب إليه وسوء الظن أنت مأمور باجتنابه في حق المسلمين ولهذا فسر النبي صلى الله عليه وسلم كلامه للرجلين في اعتكافه حين انقلب يشيع صفية إني خشيت أن يقذف الشيطان فما أساء الظن إلا بأهله وهو الشيطان فينبغي لك إذا سمعت من يقول كلمة هي في القرآن كما قلنا فيمن سمع من يقول الحمد لله رب العالمين أن تسمعها تلاوة قرآنية وإن لم يقصدها قائلها فإنك تؤجر أجر من سمع القرآن ولا بد وهذا مشهد عزيز قل أن ترى له ذائقا وهو قريب سهل لا كلفة فيه وأما قوله أفمن زين له سوء عمله فمن قوله سوء عمله عرفت من زينه وإن لم يذكره ومع هذا فالاحتمال لا يرتفع عنه فإن الله يقول في مثل هذا زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون فجاء بنون الكناية عن نفسه ونسب الحيرة إليهم بهذا التزيين فمثل هذا إذا لم يبين الله له في كشفه لمن هو هذا التزيين يقبله على مراد الله فيه من غير تعيين فيكون جزاؤه على الله من غير تعيين عندنا وإن كان معينا عند الله فإنه عند الله أيضا لا معين فإنا لم نعينه فهو يعلمه معينا لا معينا بنسبتين مختلفتين فافهم ذلك انتهى الجزء الثاني والتسعون ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ( الباب الثامن والسبعون في معرفة الخلوة ) خلوت بمن أهوى فلم يك غيرنا * ولو كان غيري لم يصح وجودها إذا أحكمت نفسي شروط انفرادها * فإن نفوس الخلق طرا عبيدها ولو لم يكن في نفسها غير نفسها * لجادت بها جودا على من يجيدها اعلم وفقنا الله وإياكم أن الخلوة أصلها في الشرع من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه فهذا حديث إلهي صحيح يتضمن الخلوة والجلوة وأصل الخلوة من الخلأ الذي وجد فيه العالم فمن خلا ولم يجد فما خلا * فهي طريق حكمها حكم البلا وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان الله ولا شئ معه وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه قال كان في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء ثم خلق الخلق وقضى القضية وفرع من أشياء وهو كل يوم في شأن وسيفرغ من أشياء ثم يعمر المنازل بأهلها إلى الأبد الخلوة أعلى المقامات وهو المنزل الذي يعمره الإنسان ويملئوه بذاته فلا يسعه معه فيه غيره فتلك الخلوة ونسبتها إليه ونسبته إليها نسبة الحق إلى قلب العبد الذي وسعه ولا يدخله وفيه غير بوجه من الوجوه الكونية فيكون خاليا من الأكوان كلها فيظهر فيه بذاته ونسبة القلب إلى الحق أن يكون على صورته فلا يسع فيه سواه وأصل الخلوة في العالم الخلأ الذي ملأه العالم فأول شئ ملأه الهباء وهو جوهر مظلم ملأ الخلأ بذاته ثم تجلى له الحق باسمه النور فانصبغ به ذلك الجوهر وزال عنه حكم الظلمة وهو العدم فاتصف بالوجود فظهر لنفسه بذلك النور المنصبغ به وكان ظهوره به على صورة الإنسان وبهذا يسميه أهل الله الإنسان الكبير وتسمى مختصره الإنسان الصغير لأنه موجود أو دع الله فيه حقائق العالم الكبير كلها فخرج على صورة العالم مع صغر جرمه والعالم على صورة الحق فالإنسان على صورة الحق وهو قوله إن الله خلق آدم على صورته ولما كان الأمر على ما قررناه لذلك قال تعالى لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون لكن يعلم القليل من الناس فالإنسان عالم صغير والعالم إنسان كبير ثم انفتحت في العالم صور الأشكال من الأفلاك والعناصر والمولدات فكان الإنسان آخر مولد في العالم أوجده الله جامعا لحقائق العالم كله وجعله خليفة فيه فأعطاه قوة كل صورة موجودة في العالم فذلك الجوهر الهبائي المنصبغ بالنور هو البسيط وظهور صور العالم فيه هو الوسيط والإنسان الكامل هو الوجيز قال تعالى سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم ليعلموا أن الإنسان عالم وجيز من العالم يحوي على الآيات التي في العالم فأول ما يكشف لصاحب الخلوة آيات العالم قبل آيات نفسه لأن العالم قبله كما قال تعالى سنريهم آياتنا في الآفاق
150
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 150