نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 143
فانقطعت بإذن الله لا بقطعهم وبإذن الله لا بتركهم مع كونهم موصوفين بالقطع والترك فإنه لا يناقض إذن الله فإن إذن الله لها في هذه الصورة كالاستعداد في الشئ فالشجرة مستعدة للقطع فقبلته من القاطع فقوله فبإذن الله يعني للشجرة كقوله فيكون طائرا بإذني فالنفخ من عيسى لوجود الروح الحيواني إذ كان النفخ أعني الهواء الخارج من عيسى هو عين الروح الحيواني فدخل في جسم هذا الطائر وسرى فيه إذ كان هذا الطائر على استعداد يقبل الحياة بذلك النفس كما قبل العجل الحياة مما رمى فيه السامري فطار الطائر بإذن الله كما خار عجل السامري بإذن الله ولهذا قال وليجزي الفاسقين الخارجين عن معرفة هذا الأذن الإلهي الذي قطع هذه الشجرة وترك الأخرى ولشيوخنا في هذا المقام حدود أذكر منها ما تيسر وأبين عن مقاصدهم فيها بما يقتضيه الطريق وهكذا أفعل إن شاء الله في كل مقام إذا وجدنا لهم فيه كلاما على أنهم إذا سألوا عن ماهية الشئ لم يجيبوا بالحد الذاتي لكن يجيبون بما ينتج ذلك المقام فيمن اتصف به فعين جوابهم يدل على إن المقام حاصل لهم ذوقا وحالا وكم من عالم بحده الذاتي وليس عنده منه رائحة بل هو عنه بمعزل بل ليس بمؤمن رأسا وهو يعلم حده الذاتي والرسمي فكان الجواب بالنتائج والحال أتم بلا خلاف فإن المقامات لا فائدة فيها إلا أن يكون لها أثر في الشخص لأنها مطلوبة لذلك لا لأنفسها والله المرشد واختلف أصحابنا ما أول منزل من منازل السالكين فقال بعضهم اليقظة وقال بعضهم الانتباه وقال بعضهم التوبة وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الندم توبة فقد يخرج مخرج قوله الحج عرفة ولو قال صلى الله عليه وسلم الندم التوبة لكان أقرب إلى الحد من قوله الندم توبة وقد تقدم الكلام في الشروط الثلاثة المصححة للتوبة في هذا الباب قال بعضهم وهو أبو علي الدقاق التوبة على ثلاثة أقسام لأن لها بداية ووسطا وغاية فبدؤها يسمى توبة ووسطها يسمى إنابة وغايتها يسمى أوبة فالتوبة للخائف والإنابة للطائع والأوبة لراعي الأمر الإلهي يشير بهذا التقسيم إلى أن التوبة عنده عبارة عن الرجوع عن المخالفات خاصة والخروج عما يقدر عليه من أداء حقوق الغير المترتبة في ذمته مما لا يزول إلا بعفو الغير عن ذلك أو القصاص أو رد ما يقدر على رده من ذلك وقال رويم وقد سئل عن التوبة التوبة من التوبة كما قال ابن العريف قد تاب أقوام كثير وما تاب من التوبة إلا أنا ومقالات القوم في التوبة كثيرة مذكورة في كتب المقامات للمنذري والقشيري والمطوعي وعمرو بن عثمان المكي وغيرهم فلينظر هنالك ( الباب الخامس والسبعون في ترك التوبة ) متى خالفته حتى تتوب * فترك التوب يؤذن بالشهود فقل للتائبين لقد حجبتم * عن إدراك الحقائق بالورود فممن أو إلى من قد رجعتم * وليس سوى المسود والمسود فمن عين الذي قد جئت منه * إليه به ومن عين العبيد وأسماء الإله هي التي لم * تزل موصوفة بسنا الوجود اعلم وفقك الله أنه من كان صفته وهو معكم أينما كنتم وهو بكل شئ محيط وألم يعلم بأن الله يرى والذي يراك حين تقوم ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون فلا يتوب إلا من لا يشعر ولا يبصر هذا القرب والشعور علم إجمالي قطعي إن ثم مشعورا به لكن لا يعلم ما هو ذلك المشعور به فالعلم بالله شعور والشعور لا علم بما هو عليه المشعور به وعلمه بنا ليس كذلك فلا يصرف العبد معناه إلى معنى إلا والحق في الصارف والمصروف والصرف فإلى أين أتوب إن نادى فهو المنادي لأنه لا ينادي إلا من يسمع وهو سمعك فلا تسمع إلا به فما فقدته في ندائه إياك هذا حد العلم الصحيح ولهذا لم يأمر بالتوبة إلا المؤمنين فقال وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون بغير ألف لحكمة أخفاها يعرفها العالم ولا يشعر بها المؤمن فهي بالألف هاء التنبيه إذا قال أيها المؤمنون وهي بغير الألف هي هويته قرأها الكسائي برفع هاء أيه وحذف الواو لالتقاء الساكنين يقول هو المؤمنون لأنه المؤمن وما يسمع
143
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 143