responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 136


بها ومنهم الكافرون وهم الساترون مقامهم مثل الملامية والكفار الزراعون لأنهم يسترون البذر في الأرض وذلك أن أهل الأنس والجمال والرحمة إذا نظروا في القرآن وفي الأشياء كلها لم تقع عينهم إلا على حسن وجمال لا على غير ذلك كان ذلك ما كان وإذا قرؤا القرآن لم يقم لهم من صور الممقوتين إلا ما تتضمنه من مصارف الحسن فعلى ذلك تقع أعينهم وذلك يشهدهم الحق من تلك الآية التي وصف الله بها من مقته من عباده لقيام تلك الصفة به على حد مطلقها فيأخذون من كل صفة ما يليق بهم في طريقهم فيصرفون ذلك إليهم بالوجه الأحسن فيتنعمون بما هو عذاب عند غيرهم والصورة واحدة والمتصور مختلف منها لاختلاف الناظرين فلكل منظر عين تخصه فالكافر من ختم الله على قلبه وسمعه وجعل على بصره غشاوة والكافر من الأولياء من كان ختم الحق على قلبه لأنه اتخذه بيته فقال ما وسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي والله غيور فلا يريد أن يزاحمه أحد من خلقه فيه كما ختم الحرم فلم يحل لأحد قتل صيده ولا قطع شجره فإن الله لا ينظر إلا إلى قلب العبد فلما ختم الله على قلب هذا العبد لم يدخل في قلبه سوى ربه وختم على سمعه فلا يصغي إلى كلام أحد إلا إلى كلام ربه فهم عن اللغو معرضون وعلى بصره غشاوة وهي غطاء العناية فلا ينظرون إلى شئ إلا ولهم فيه آية تدل على الله فكان هذا الحفظ غشاوة تحول بين أعينهم وبين النظر من غير دلالة ولا اعتبار وحالت بينهم وبين ما لا ينبغي أن ينظر إليه فهي غشاوة محمودة ولهم عذاب من العذوبة عظيم يعني عظيم القدر فإن العذاب إنما سماه الله بهذا الاسم ايثارا للمؤمن فإنه يستعذب ما يقوم بأعداء الله من الآلام فهو عذاب بالنظر إلى هؤلاء ومنهم الصم البكم العمي الذين لا يعقلون ولا يرجعون فهم صم عن سماع ما لا يحل سماعه وعن سماع كل كلام غير كلام سيدهم بكم أي خرس فلا يتكلمون بما لا يرضى سيدهم كما كان أولئك بكم عن الكلام بذكر الله فاختلف المصرف وصح الوصف عمي فلا تقع عينهم على غير الله فاعلا في الأشياء وكل واحد من الأولياء على قدر مقامه في ذلك من المعرفة بالله فإنهم تختلف مأخذهم في المحمود من ذلك ولا يتسع الوقت لتفصيل ذلك وحصلت الفائدة بالتنبيه على اليسير من ذلك فهم لا يرجعون إلا إلى الله ولا يعقلون إلا عن الله لا يرجعون إلى المصارف المذمومة من هذه الصفات حيث وصف بها الأشقياء من عباده فهم لا يعقلون من هذه الصفات سوى ما يحمد منها في صرفه فهي كل صفة بحقيقتها في كل موصوف بها واختلفوا في المصرف فلم يكن اتصافهم بها مجازا بل هو حقيقة ومنهم الظالمون قال تعالى ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا والمصطفى هو الولي ثم قال في المصطفين فمنهم ظالم لنفسه وهو أن يمنعها حقها من أجلها أي الحق الذي لك يا نفسي علي في الدنيا يؤخره لك إلى الآخرة وبادر هنا إلى الكد والاجتهاد وخذ بالعزائم واجتنب الميل إلى الرخص وهذا كله حق لها فهو ظالم لنفسه نفسه من أجل نفسه ولهذا قال فيمن اصطفاه فمنهم ظالم لنفسه أي من أجل نفسه ليسعدها فما ظلمها إلا لها ومنهم الساهون وهم الذين هم عن صلاتهم ساهون بصلاة الله بهم فهم يرون أن نواصيهم بيد الله يقيمهم فيها ويركع بهم ويسجد بهم ويقرأ بهم ويكبر بهم ويسلم بهم لأنه سمعهم وبصرهم ولسانهم ويدهم ورجلهم كما ورد في الخبر ومن كان هذا مشهده وحاله فهو عن صلاته ساه فإنه لم يقل عن الصلاة فإنه ليس بساه عن الصلاة وإنما سهوهم عن إضافة الصلاة إليهم فلهذا اعتبروا قوله عن صلاتهم ساهون والويل الذي لهم إنما هو بالنظر لمن جمع في نظره بين صلاته وصلاة الله به فإنه الأكمل فإذا قست بين الرجلين في هذين المقامين الكبيرين نقص أحدهما ما كان خيرا في حق الآخر الجامع لهما فيكون ذلك النقص ويلا له بالإضافة حسنات الأبرار سيئات المقربين وجزاء سيئة سيئة مثلها ومنهم المراؤون الذين يراءون الناس وهم الذين يفعلون الفعل ليقتدي بهم فيه علماء هذه الأمة يعلمون الناس بالفعل يقصدون تعليمهم إذ كان الفعل أتم عند الرأي من القول كما قال عليه السلام صلوا كما رأيتموني أصلي مع كونه وصف الصلاة لهم ومع هذا كله صلى على المنبر ليراه الناس فيقتدوا به وهكذا في كل ما يمكن من الأعمال هذا حظ الأولياء من الرياء في الأفعال المقربة إلى الله ومنهم المانعون الماعون وحظهم من هؤلاء أن يحجبوا الناس عن رؤية الأسباب ليصرفوا نظرهم إلى مسببها فلا معين إلا الله قيل لهم قولوا وإياك نستعين لا بالماعون ومنهم الهمازون اللمازون وهم العيابون وأولياء الله يطلعون كل شخص على عيوب

136

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 136
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست