نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 124
عينه لا غيره فإنه ليس بخارج عنه ولا بد للعالم أن يكون متصورا للحق على ما يظهر عينه والإنسان الذي هو آدم عبارة عن مجموع العالم فإنه الإنسان الصغير وهو المختصر من العالم الكبير والعالم ما في قوة إنسان حصره في الإدراك لكبره وعظمه والإنسان صغير الحجم يحيط به الإدراك من حيث صورته وتشريحه وبما يحمله من القوي الروحانية فرتب الله فيه جميع ما خرج عنه مما سوى الله فارتبطت بكل جزء منه حقيقة الاسم الإلهي التي أبرزته وظهر عنها فارتبطت به الأسماء الإلهية كلها لم يشذ عنه منها شئ فخرج آدم على صورة الاسم الله إذ كان هذا الاسم يتضمن جميع الأسماء الإلهية كذلك الإنسان وإن صغر جرمه فإنه يتضمن جميع المعاني ولو كان أصغر مما هو فإنه لا يزول عنه اسم الإنسان كما جوزوا دخول الجمل في سم الخياط وإن ذلك ليس من قبيل المحال لأن الصغر والكبر العارضين في الشخص لا يبطلان حقيقته ولا يخرجانه عنها والقدرة صالحة أن تخلق جملا يكون من الصغر بحيث لا يضيق عنه سم الخياط فكان في ذلك رجاء لهم أن يدخلوا جنة النعيم كذلك الإنسان وإن صغر جرمه عن جرم العالم فإنه يجمع جميع حقائق العالم الكبير ولهذا يسمى العقلاء العالم إنسانا كبير ولم يبق في الإمكان معنى إلا وقد ظهر في العالم فقد ظهر في مختصره والعلم تصور المعلوم والعلم من صفات العالم الذاتية فعلمه صورته وعليها خلق آدم فأدم خلقه الله على صورته وهذا المعنى لا يبطل لو عاد الضمير على آدم وتكون الصورة صورة آدم علما والصورة الآدمية حسا مطابقة للصورة ولا يقدر يتصور هذا إلا بضرب من الخيال يحدثه التخيل وأما نحن وأمثالنا فنعلمه من غير تصور ولكن لما جاء في الحديث ذكر الصورة علمنا أن الله إنما أراد خلقه على الصورة من حيث إنه يتصور لا من حيث ما يعلمه من غير تصور فاعتبر الله تعالى في هذه العبارة التخيل وإذا أدخل سبحانه نفسه في التخيل فما ظنك بمن سوى الحق من العالم صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لجبريل الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فهذا تنزيل خيالي من أجل كاف التشبيه وانظر من كان السائل ومن كان المسؤول ومرتبتهما من العلم بالله ولم يكن بأيدينا إلا الأخبار الواردة بالنزول والمعية واليدين واليد والعين والأعين والرجل والضحك وغير ذلك مما ينسب الحق إلى نفسه وهذه صورة آدم قد فصلها في الأخبار وجمعها في قوله خلق الله آدم على صورته فالإنسان الكامل ينظر بعين الله وهو قوله كنت بصره الذي يبصر به الحديث كذلك يتبشبش بتبشبش الله ويضحك بضحك الله ويفرح بفرح الله ويغضب بغضب الله وينسى بنسيان الله قال تعالى نسوا الله فنسيهم وينسب جميع ما ذكرناه إلى كل ذات بحسب ما تقتضيه مع علمنا بحقيقة كل صفة فإن كانت الذات المنسوب إليها معلومة علم صورة نسبة هذا المنسوب وإن جهلت الذات المنسوب إليها كنت بنسبة هذا المنسوب أجهل فهذا الوجه الذي يليق بجواب سؤال هذا السيد فلو سأل مثل هذا السؤال فيلسوف إسلامي أجبناه بأن الضمير يعود على آدم أي أنه لم ينتقل في أطوار الخلقة انتقال النطفة من ماء إلى إنسان خلقا بعد خلق بل خلقه الله كما ظهر ولم ينتقل أيضا من طفولة إلى صبي إلى شباب إلى كهولة ولا انتقل من صغر جرم إلى كبره كما ينتقل الصغير من الذرية بهذا يجاب مثل هذا السائل فلكل سائل جواب يليق به ( السؤال الرابع والأربعون ومائة ) ليتمنين اثنا عشر نبيا أن يكونوا من أمتي الجواب لما كانت أمته خير الأمم وعندها زيادة على أنبياء الأمم باتباعهم سنن هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم ما اتبعوه لأنهم تقدموه وليس حيرا من كل أمة إلا نبيها ونحن خير الأمم فنحن والأنبياء في هذه الخيرية في سلك واحد منخرطين لأنه ما ثم مرتبة بين النبي وأمته ومحمد خير من أمته كما كان كل نبي خيرا من أمته فهو صلى الله عليه وسلم خير الأنبياء فهؤلاء الاثنا عشر نبيا ولدوا ليلا وصاموا إلى أن ماتوا وما أفطروا نهارا مع طول أعمارهم سؤالا ورغبة ورجاء أن يكونوا من أمة محمد صلى الله عليه سلم فلهم ما تمنوا وهم مع من أحبوه يوم القيامة فيأتي النبي يوم القيامة وفي أمته النبي والاثنان والثلاثة ويأتي محمد صلى الله عليه وسلم وفي أمته أنبياء أتباع وأنبياء أتباع وأنبياء ما هم أنبياء أتباع فيتبع محمدا صلى الله عليه وسلم ثلاثة أصناف من الأنبياء وهذه مسألة أعرض عن ذكرها أصحابنا لما فيها مما يتطرق إلى الأوهام الضعيفة من الإشكال وجعلهم الله اثني عشر كما جعل الفلك الأقصى اثني عشر برجا كل برج منها طالع نبي من هؤلاء الاثني عشر لتكون
124
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 124